حول ما سجل من تفاعلات إثر نشر «خدمة بعلي في إذاعة تونس الثقافية» بجريدة «الشروق» يوم السبت 09 جويلية 2011 وافانا الشاعر أحمد كريستو بالرد التالي: أريد أولا أن أتوجه بالشكر إلى كافة أسرة نشرة أخبار إذاعة تونس الثقافية لما تحلت به من مصداقية ولما أظهرته من حرفية وحياد في تعاملها مع الخبر وهذا من آثار الثورة التي مست القواعد في هذه المؤسسة ولكنها وككل البلدان العربية، الشعوب في واد والقيادات في واد جريانه معاكس لاتجاه إرادة الشعوب، قلت آثار الثورة والتحرر من «التعليمات» مسّت نشرة الأخبار ولكنها يبدو أن الحاجب لم يتركها تدخل إلى مكاتب المسؤولين على هذه الإذاعة الفتية، كيف ذلك؟ أسرة نشرة الأخبار تعاملت مع المقال الذي نشرته بجريدة «الشروق» يوم السبت 09072011 وعنوانه «خدمة بعلي في إذاعة تونس الثقافية» حول تحيين شبكة البرامج الخاصة بإذاعة تونس الثقافية والذي، وهذا طبيعي جدا، لاقى استحسان البعض وأغضب البعض الآخر لكن أسرة النشرة الإخبارية قامت بإعطائه ما يستحق من النقد و اتصلت بي السيدة(..) هاتفيا وطلبت مني، إن أردت، تقديم توضيحات في خصوص المقال لمستمعي الإذاعة وهذا لعمري قمة في الحرفية والمسؤولية الصحفية وفي نشرة أخبار لإذاعة تنتقد في مقال صحفي وأصدقكم القول ونظرا لما تعودت عليه من أساليب صحفية لقلب الحقائق وجعل الذئب خروفا والخروف ذئبا شرسا ترددت في الاستجابة إلى الطلب لأن المداخلة ستكون مسجلة وليست على المباشر وكل من جرب سابقا يعرف ما يمكن أن يفعله المقصّ حين يعمل بجد وتفان ومايزيد التعليق الموازي من تسلط على أذان وفهم المستمع فيصبح الكاتب أو المتدخل يقول «هاتو قرطلتي، ما حاشتي بعنب» وكدت أطلب من السيدة(.) أن يكون تدخلي مباشرا أو لا يكون لكن ثقتي في الاطار العامل بهذه المؤسسة و«لغاية في نفس يعقوب» أيضا جعلاني أقبل التحدي لأضع الطرف الآخر في الميزان ومن حكمي الشخصي نجح كل المشرفين على هذه الفقرة الإخبارية وبامتياز حيث أنهم لم يكتفوا بنقل المداخلة بدون تحريف ولكنهم استضافوا المسؤولة عن البوابة والتي أقرت بالواقع الأليم حسب رأيي وأظن أني أكون متسلطا لو أحملها المسؤولية كاملة لأنها مازالت تنفذ التعليمات، لأنها تقنية وتعمل بالمادة الموجودة في حوزتها ولعل «إرادة علية» أرادتها أن تكون كبش فداء أمام هذا الخطإ الفادح لمؤسسة إعلامية عمومية تمول من مال الشعب مع فاتورة الكهرباء وتساهم فيها حتى المعامل والمصانع التي ليس بها لا راديو ولا تلفاز(وهذا موضوع آخر سيقع التطرق إليه في مناسبة أخرى) فبرافو لأسرة النشرة الإخبارية لإذاعة تونس الثقافية وأقول لهم مع أني لست صحفيا بأنكم تشرفون الإعلام الذي للأسف مازال يبحث عن توازنه في بعض المؤسسات الأخرى وهو الذي يجب أن يكون حرا ومتحررا ومسؤولا في نفس الوقت. قلت أن المسؤولة عن البوابة لا يمكن تحميلها كامل المسؤولية لكني أتساءل عن فحوى تدخلها: تقول أن صعوبات تقوم عائقا أمام تقديم شبكة البرامج على الإنترنت، فكيف كان يحدث هذا وبصفة طبيعية مع التحيين الحيني أيضا قبل الثورة؟ هل نتقدم نحو الأفضل أو على الأقل نحافظ على ما وصلنا إليه أم أصبحنا نسير إلى الوراء؟ وبما أنه الواقع الذي تقرين به، فمن المسؤول على هذا بما أنك تجزمين بأن العاملين في هذا القطاع غير مسؤولين على هذا الأمر؟ موضوع آخر يظهر من خلال تدخلك وهو قولك: نقتصر في الشبكة في البرامج الهامة دون سواها...فهل في إذاعة تونس الثقافية برامج هامة وأخرى غير هامة؟ بل لعلك تقصدين برامج أساسية وأخرى فرعية أو ظرفية؟ فأن كان الحال هكذا فهل هناك أيضا منشطون فوق الرتبة وآخرون دون ذلك؟ ومن يقوم بتصنيفهم وإسنادهم إعداد وتقديم هذه البرامج؟ على كل حال فعلى الشبكة الموجودة على البوابة لا يوجد لا برامج هامة ولا أخرى دون ذلك ما وجدت إلا الشبكة القديمة التي من المفروض، وهو أضعف الإيمان أن يقع فسخها حتى لا تختلط الأمور على الزائر لهذه البوابة ويعرف أن هذه المؤسسة شملتها الثورة الشعبية لكن لعلها، كما قلت، مازالت تواجه صعوبات وتبحث عن نفسها مع الإدارة الجديدة. إن النقد الخارجي أي النقد الصادر عن المستمعين ومتتبعي الإذاعة هو الذي يجعل المشرفين على هذا الجهار الإعلامي قادرين على التقييم والتعديل حيث أن البرامج تستهدف المستمعين أولا وآخرا وهم شركاء في المؤسسة أدبيا وماديا والنقد يمكن أن يكون للبرمجة كما يكمن أن يتناول محتوى البرامج كيفا وأداء وبدون شبكة للبرامج لا يمكن تتبعها ولا يمكن بالتالي نقدها. أنا أقول أنك، يا سيدتي الكريمة، لا تريدين ذكر الحقيقة كاملة فقلت ما قلت وما ذكرته لا يقنع البتة بل يزيد الطين بلة ويشير إلى أن الأمور عندكم غير عادية على مستوى هذا الموضوع على الأقل ولعل من طلب منك التدخل عوضا عنه أراد أن يحملك مالا طاقة لك به إذ هل يمكنك مطالبة الإدارة بمدك بالشبكة الجديدة ثم بكل ما يمكن أن يطرأ عليها من تغييرات لتتمكني من تحيينها عند الحاجة؟ فالخطأ إذا من الإدارة وعلى رأسها من يديرها الذي يجب أن يكون عينا ساهرة على كل صغيرة وكبيرة وإلا فلماذا له خط انترنت خاص بمكتبه من المال العام؟ هل ليتلهى به هو ويلعب السكرابل لتمضية الوقت؟ لا يتحمل المسؤولية عن هذه الأمور إلا مدير الإذاعة ولا نسوق إلى المذبح كبش فداء لتغطية عين الشمس بالغربال ونظهر وكأن الإدارة أخذت موقفا من الموضوع وقامت بالإجراءات اللازمة«وسنعمل لاحقا على تفادي مثل هذه الأمور» والضحية تكون دائما بريئة من الأبرياء فداء عن المسؤول الأول، هذه أساليب قديمة أظنها ولت مع من ولى ولا يليق بنا يا سيدي المسؤول الآن إحياءها والعمل بها والكل يعلم ولا يصمت، كفانا هروبا من المسؤوليات... إن الجلوس على كرسي الإدارة تكيلف وتشريف ومسؤولية فأما أن تكون أهلا لها وإلا فلا عيب أن يعترف الإنسان أن الكرسي أكبر من حجمه وليس على مقاسه ويتركه لمن هو من قياسه. بعد النكسة في مصر، قدم المرحوم جمال عبد الناصر استقالته من رئاسة الجمهورية ومن قيادة الجيش ومن كل منصب سياسي له اعتبارا منه أنه المسؤول الأول والوحيد عما لحق بالبلاد ولم يقل قائد القوات الجوية أو يقوم بتحوير في الوزارات وقيادة الجيش لأنه لم يرد أن يكذب على شعبه ويسيء لسمعته فدخل التاريخ من الباب الكبير وأصبح بطلا من أبطال مصر لا كما يفعل القادة العرب الآن أمام كل احتجاج شعبي يقوم أحدهم بتحوير وزاري ليرضي الشعب الذي يريد منه هو التخلي عن منصبه ويصيح الشعب بأعلى صوته «ارحل» ثم يظهر لهم على شاشة التلفاز يضحك ويقول بكل وقاحة «فهمتكم» ويسخر منهم بتغيير وزير أو رئيس مدير عام أو... هذه الأساليب كانت فنا من المدرسة القديمة ونحن أبناء اليوم والكل ينادي بوجوب وجود الرجل المناسب في المكان المناسب وعاش من عرف قدره...