انسحب الثوار الليبيون من جبهة تيجي والغزاية وتقدموا على جبهات أخرى باتجاه طرابلس بينما نزح آلاف المواطنين الليبيين باتجاه معبر راس جدير. حي الأربعين الشروق من مبعوثنا الخاص الحبيب الميساوي بعد ان كان مقررا أن يهاجم الثوّار مواقع كتائب القذافي في بلدات الغزاية وتكوت وتيجي الواقعة على الحدود مع تونس على بعد 18 كلم من مدينة ذهيبة التونسية علمت «الشروق» من مصادر مقرّبة من ثوّار الجبل الغربي أن المجلس العسكري بالزنتان قرر سحب أعداد كبيرة من الثوّار وإلحاقهم بجبهة بما أصبح يعرف مثلّث بير عياد ككلة بير الغنم وذلك لتعزيز صفوف الثوّار الذين يخوضون منذ عدة أسابيع معارك ضارية ضد كتائب القذافي المتحصّنة بمدينة غريان على بعد 70 كلم من العاصمة طرابلس. اسقاط جبهة الغزالية وتكوت وتيجي من حسابات الثوّار مردّه حسب نفس المصدر استعمال كتائب القذافي لأهالي تلك البلدات كدروع بشرية ويخشى الثوّار من ان يهلك الآلاف من المدنيين في صورة حصول اشتباكات في تلك المدن المتاخمة للحدود مع تونس. «الشروق» تسللت الى منطقة حي الأربعين قريبا من الموقع العسكري بأم الغار بين ذهيبة وراس جدير وعاينت عن قرب الهدوء الذي يشوبه الكثير من الحذر لأن عديد الملاحظين يخشون من ان تهاجم كتائب القذافي الثوار من الخلف وتعرقل سيرهم نحو العاصمة طرابلس. وفي آخر حصيلة قدّمها المجلس العسكري للثوار بلغ عدد القتلى في الاربعة أيام الاخيرة واحد وأربعين في صفوف ثوّار الجبل الغربي كما أصيب العشرات. حصيلة لم تثن الثوّار من مواصلة المعارك بضراوة رغم استعمال كتائب القذافي لصواريخ حرارية جديدة زيادة على قذائف الهاون وصواريخ غراد روسية الصنع. وأفاد مصدر مطلع لجريدة «الشروق» أن دفعات جديدة من الأسلحة وصلت الى كتائب القذافي من روسيا عبر ميناء جرجيسالتونسي وهو ما يفسّر مواصلة الجيش النظامي الليبي المعارك دون ان يسجل نقصا في الذخيرة. هروب الآلاف من العاصمة الى ذلك يسعى الثوّار منذ صباح الأمس الى السيطرة على الطريق السريعة بين غريان وطرابلس الا ان كتائب القذافي أعادت إحكام قبضتها على المناطق المتاخمة لبلدة القوالش والأصابيع وتمركزت قرب مدينة جندوبة الليبية ودعّمت مواقعها في بير الغنم وبالتالي الحد من سرعة تقدم الثوار نحو مدينة غريان. وكان العقيد القذافي قد ألقى كلمة صوتية جديدة أمام أنصاره في زليطن الواقعة بين طرابلس ومصراتة قال مصدر من الكتائب ان قنوات الجزيرة والعربية وCNN رفضت بثّها واكتفى التلفزيون الليبي بنقلها وقال القذافي إنه يتحدث الآن أمام أكثر من مليوني ليبي وأظهرت الصور الآلاف من الليبيين يحملون الاعلام الخضراء وصور القذافي هاتفين بحياته ومعبّرين عن استعدادهم للدفاع عن ليبيا الى آخر لحظة، وهدد القذافي في هذا الخطاب الجديد الثوّار وحلفاءهم بأن حمّاما من الدم ينتظرهم في العاصمة طرابلس. هذه التهديدات الجديدة للقذافي بالقيام بتفجير العاصمة الليبية دفع بالآلاف من سكان العاصمة طرابلس الى الفرار الى تونس. وقال شهود عيان ل«الشروق» ان آلاف السيارات خرجت ملتحمة ببعضها البعض من مدينة زوارة الى المعبر الحدودي براس جدير على طول ثلاثين كلم. ومن المتوقع ان يرتفع عدد اللاجئين الليبيين في تونس كلما اقتربت المعارك من العاصمة طرابلس التي تشهد نقصا كبيرا في التموين وفي الوقود رغم ان خط الإمدادات من تونس يشهد نشاطا كبيرا وصل الى 120 شاحنة نقل للمواد الغذائية تعبر يوميا بوّابة راس جدير باتجاه العاصمة طرابلس. هذا الوضع أثّر على حركة التموين في مدينة بن ڤردان التونسية التي تشهد نقصا كبيرا في المواد الأساسية بعد انصراف تجار الجملة الى تزويد السوق الليبية وعزوفهم عن تزويد تجّار التفصيل بالمدينة مما دفع بأهالي بن ڤردان للقيام بإضراب طيلة اليومين الاخيرين احتجاجا على نقص المواد الغذائية وتنديدا بتجاهل الحكومة لمطالبهم المتمثلة أساسا في التشغيل.