رمضان شهر الرحمة والتقوى . ومن ثمار الرحمة المحبة. وقد دعا الإسلام إلى محبة الناس ودعّمها في قلوبهم, جاء في الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه), هذا الحديث فيه خلق من الأخلاق السامية الرفيعة التي جاء الإسلام بها وغرسها في قلوب المؤمنين، هذه الأخلاق التي تزيد الألفة والمحبة بينهم، وتجعلهم سواسية، يعطف كبيرهم على صغيرهم، ويحنو غنيهم على فقيرهم.وقول النبي: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) دليل على أن من جملة خصال الإيمان الواجبة أن يحب المرء لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكرهه لنفسه، فإذا زال ذلك عنه فقد نقص إيمانه بذلك. فمحبة الإنسان لأخيه ما يحب لنفسه دليل على قوة إيمانه بالله وثقته بما عنده ففضل الله واسع يسع جميع الناس فمهما أخذ أخوك من الخير فلن يضرك. ومحبة الإنسان لأخيه ما يحبه لنفسه موصلة إلى الجنة، ففي الحديث أن النبي قال لرجل: (أتحب الجنة؟)، قال: نعم قال: (فأحب لأخيك ما تحب لنفسك) وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي أنه قال: ( من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه). ولتحقيق المحبة ونشرها بين الناس اتبع الإسلام وسائل متعددة كإدخال السرور على الناس وقضاء مصالحهم وإفشاء السلام بينهم وزيارة المرضى والتخفيف عنهم ومؤاساتهم والإصلاح بين المتخاصمين ووصل الأرحام وإن أدبرت وتمتين الصلة بين الأقارب والتجاوز عن أخطائهم وزلاتهم ومسامحتهم والعفو عنهم . فرمضان محطة ربانية مباركة لتنقية الصدور من الغلّ والحسد والبغضاء وزرع الحب في أسمى معانيه في قلوب الناس . ولا يوجد دين يحث أبناءه على التحابب والمودة كدين الإسلام؛ ولهذا حث النبي صلى الله عليه وسلم على الإخبار بمشاعر الحب؛ لأن هذا يقويه ويفضي إلى شيوع الألفة بيننا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه». وعن أنس رضي الله عنه أن رجلا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر به رجل، فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أعلمته»؟ قال: لا. قال: «أعلمه». قال: فلحقه فقال: إني أحبك في الله. فقال: أحبَّك الذي أحببتني فيه.