شهدت مدينة بيروتاللبنانية سنة 1932 ميلاد الفنانة صفية واسمها الحقيقي شريفة أحمد قنون من عائلة جزائرية... في الثامنة من عمرها حفظت المواويل اللبنانية ك«هات يا أبو الزلف» و«على الميجانا»، كسبت الرهان ليصبح لها موعد أسبوعيا في الاذاعة. عندما استقلت لبنان عام 1946 اختار والد صفية العودة الى الجزائرمسقط رأسه، حطّ الرحال في تونس ليعبر من خلالها الى وطنه غير أن ظروفا دفعت به الى قرار الاستقرار النهائي في تونس وتزامن ذلك برمضان 1946. لم تكن صفية تدرك للحظة أنها ستستقر نهائيا في تونس لتصبح واحدة من أبرز المطربات في المدونة الغنائية التونسية... وقد يكون لمقر السكنى الذي كان غير بعيد عن مقر الاذاعة آنذاك في ساحة العُملة دورا كبيرا في بداية المسيرة الفنية لصفية التي كانت لا تبارح نافذة منزلها حتى يتسنّى لها معرفة ما يدور في مبنى الإذاعة. وكان أن ساعدتها احدى الجارات المعجبة بصوتها على اللقاء بالمدير الفني للإذاعة مصطفى بوشوشة الذي انبهر بصفاء وقوة صوتها، فكان أن أطلق عليها اسم «صفية الشامية» بعد أن كان يريد لها اسم «صفية هانم» وهو اسم فنانة تركية كانت مشهورة جدا آنذاك. انطلقت صفية الشامية في التأسيس لمسيرتها الغنائية في رحاب الاذاعة بأداء الانتاجات الغنائية اللبنانية منها «البسطاجية اشتكوا» و«حول يا غنام» و«غنيلي شوي شوي» لأم كلثوم. التقت صفية الشامية الدكتور صالح المهدي الذي قدمها بدوره الي عازف الكمنجة والملحن أحمد الصباحي... لقاء فني توّج بالزواج. تميّزت صفية الشامية بلونها الفني المتفرّد وأسلوبها الخاص على الركح رغم المنافسة الشديدة مع حسيبة رشدي وشافية رشدي وفتحية خيري كسبت صفية الشامية الرهان من خلال أن أعطت للركح رؤية إبداعية وفنية تجمع بين الطرب والفرجة. صفية الشامية أثرت المدونة الغنائية التونسية بأغنيات متميّزة وخفيفة، فيها تفاؤل وحبّ وعشق لمعاني الجمال في الحياة «لا لا ما نحبّكشي يا مثيل عرف الياس يا أسمر يا جميل عمراتو نحبّك يا عمر» محلى قدّك يا راعي الغنم... وغيرها من الأغاني التي خلّدتها في الذاكرة وتجعل منها احدى أيقونات الأغنية في تونس وهي التي حطّت الرحال بها في رمضان 1946 وكان لها حضورها البارز في تنشيط السهرات الرمضانية بشكل لافت.