بين خضر تالفة ولحوم فاسدة، واثاث مكسر ترتفع شكايات التونسيين من اصناف الغش المتنوعة التي تحولت إلى ممارسة يومية لدى بعض التجار الذين يبحثون عن الربح السريع لا سيما في رمضان، حيث تكثر شكايات المستهلك. تونس «الشروق» : جولة في الشارع التونسي كشفت «غضب» التونسيين واستيائهم من انتشار ظاهرة الغش في رمضان حيث يستوجب على المستهلك التيقظ والحذر والتثبت وعدم التغافل عند اقتناء حاجياته. وتنتشر الظاهرة في الشهر الكريم في مفارقة واضحة مع ما يستدعيه الشهر من قيم وأخلاق الحق والفضيلة. و تحدثت ل»الشروق» مصادر من منظمة الدفاع عن المستهلك عن تفنن التجار في أشكال التحيل، والهرولة نحو الربح السريع. كما أكد مدير إدارة حفظ الصحة تطور المخالفات الصحية هذا العام مقارنة برمضان 2017. مغالطات بالجملة يعتبر التحيل في الميزان أول أشكال الغش حسب ما بينه أكرم الباروني نائب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك في حديثه مع «الشروق» حيث قال :»تتعدد اشكال الغش وأولها في عمليات وزن الخضر والغلال.» ولاحظ أن الكثير من الباعة يستعملون الميزان الإلكتروني وهو ميزان غير مطابق للقانون التونسي ويمكن أن يحتوي على الكثير من المغالطات، ويتم توريد أعداد منه من الصين». ولاحظ أن أغلب باعة الخضر لا يضعون البضاعة أمام المشتري خلال عملية الوزن في نوع من التحيل، وتغيب شفافية المعاملات من خلال بيع كل الغلال والخضر بنفس السعر، حيث يغيب تصنيف البضائع حسب الحجم والجودة، ويقوم التاجر بشراء البضاعة الممتازة والاقل سعرا ويقوم بخلطها وبيعها بثمن البضاعة الممتازة، وهذا نوع من الظلم للمستهلك. أما النقطة الثالثة التي تهم أشكال الغش التي برزت في رمضان فتتمثل في عدم إشهار الاسعار، والقيام بحجب أسعار البيع مباشرة بعد خروج المراقبة الاقتصادية من نقاط البيع المرصودة. وتعتبر وضع البضاعة الجيدة في الواجهة وإخفاء البضاعة الجيدة من أبرز الممارسات الأخرى للغش من باعة الخضر والغلال، في هرولة واضحة نحو الربح السريع. ويبدو أن الحلويات والمرطبات لم تسلم ايضا من اشكال الغش في مكوناتها، حيث يستبدل اللوز بالكاكاوية وغيرها من المكونات غير الخاضعة للمواصفات. والواضح «فعلا أنه وخلال الفترة الاخيرة تم تسجيل ارتفاع في منسوب الغش، وعلى المستهلك اليقظة والتسلح بمراقبة طريقة الوزن ونوعية البضاعة وتاريخ الصلوحية وكيفية الخزن.» وتتعدد الشكايات الواردة على منظمة المستهلك لا سيما منها المتعلقة بالضمان على المواد الإلكترومنزلية، والغش في الأثاث، وفي إصلاح الآلات. ويتفنن الباعة في الاعذار حتى لا يستبدلون البضاعة المعطبة بعد شرائها بالادعاء أن الخطأ من المستعمل. مراقبة وحجوزات تعمل أجهزة المراقبة بوزارتي التجارة والصحة على مقاومة مختلف اشكال الغش التي تنتشر في رمضان، وهو ما استوجب تكثيف حملات المعاينة ورفع المخالفات. وحسب مصادر مطلعة من وزارة التجارة انتشرت الفرق الرقابية بوزارة التجارة لمقاومة «الغش» التجاري، وتم تسجيل خروج 202 فرقة خلال الاسبوع الاول من رمضان قاموا بحوالي 4441 زيارة، وتم تسجيل 425 مخالفة تهم كل القطاعات. وتم تسجيل غش في بيع الخضر والغلال (109 مخالفة)، و135 مخالفة في التغذية والدواجن والبيض 70 مخالفة ، والمخابز والمطاهي 61 . ويتفنن التجار في أنواع المخالفات ومنها التي تهم الأسعار حيث بلغت التجاوزات في عمليات المراقبة في الأسبوع الأول 100 تجاوز، و242 تهم شفافية المعاملات، و52 تهم الميزان ، إضافة إلى التلاعب بالمواد المدعمة وممارسات أخرى. ويبدو أن الرقم الأخضر لوزارة التجارة قد اخذ في الرواج حيث تم تسجيل 69 شكاية تهم الغش في المنتوجات خلال الأسبوع الأول. وقامت فرق المراقبة التجارية بحجز كميات من الخضر والغلال والبيض والمواد الغذائية الأخرى، وعلب السجائر المهربة و»المضروبة». من جهته تحدث مدير إدارة حفظ الصحة وسلامة المحيط محمد الرابحي عن ضرورة التحري في المواد الغذائية المعروضة ولم ينف وجود غش في المواد المعروضة. وهو ما استوجب برمجة حملات مراقبة صحية استثنائية في رمضان، ستتضاعف في ليالي النصف الثاني من الشهر الكريم وتشمل المقاهي الليلية والمطاعم. وفي حديثه مع «الشروق» قال إنه تم تسجيل ارتفاع في عدد المخالفات الصحية بحوالي 25% مقارنة بالفترة نفسها من رمضان 2017. لكنه اعتبر أنه من الجيد عدم تسجيل حالات تسمم غذائي جماعي إلى اليوم. وقامت الفرق الصحية بتسجيل أكثر من 19 ألف زيارة تفقدية صحية قامت برصد أكثر من 2000 مخالفة صحية خلال الأسبوع الأول من رمضان. وقام المتفقدون من وزارة الصحة باقتراح غلق 64 محلا مفتوحا للعموم. وتم تحرير 142 محضرا عدليا ضد المخالفين، كما تمّ حجز أكثر من 9 أطنان من المواد الغذائية الفاسدة وحوالي 1000 لتر من المشروبات الغازية والحليب وحوالي 3300 علبة ياغورت غير صالحة للاستهلاك. فيما بلغت عدد المخالفات عموما قبل رمضان 4 آلاف مخالفة. وتتعدى انعكاسات «الغش» الجانب المادي من خلال خسارة ثمن بضاعة لا تصلح للاستهلاك، إلى انعكاسات صحية من خلال تناول ما تم تغيير مكوناته بمنتوجات غير صحية تثير أمراض البطن والأمعاء والحساسية وغيرها من الأمراض. أرقام ودلالات 4 آلاف مخالفة صحية إلى غاية شهر أفريل 2000 مخالفة صحية في أسبوع من رمضان 25 ٪ نسبة تطور المخالفات الصحية في الأسبوع الأول مقارنة بالسنة الماضية 425 مخالفة اقتصادية في الأسبوع الأول من رمضان