تشكل الانتخابات البرلمانية الاخيرة في العراق مفصلا هاما وخطيرا في حاضر ومستقبل هذا البلد.. ليس فقط لانها جاءت بعد سنوات عجاف على جميع الاصعدة حيث تهدد البلد في كيانه كاملا عن طريق داعش لكن ايضا لانها سترسم توجهات العراق القادمة في ظرف اقليمي بالغ الحساسية شديد التجاذبات مع تشكل «محور المقاومة» بين سورياوايران وحزب الله في مواجهة حلف اخر معاد تقوده امريكا واسرائيل وتشارك فيه دول اقليمية وتحديدا خليجية على راسها السعودية. تاخذ هذه الانتخابات اهميتها من اهمية موقع العراق الجغرافي حيث انه لو انضمت الحكومة الجديدة الى محور المقاومة فستكون الطرق سالكة من طهران الى الجنوب اللبناني وفلسطين عبر بغداد ودمشق وهذا ما تعمل الدول المعادية على منعه بكل السبل. فهل سيكسر الفائزون قيد الطائفية المدمرة التي تعتبر اقوى اسلحة الاعداء؟ وهل سيصر الشيعة على استبعاد السنة بحجة دعمهم لصدام حسين بل التشفي منهم كما حصل لحد الان؟ وهو ما ادى الى غضب سني حد دعمهم لداعش وكانوا عينها ووقودها؟ وكيف سيكون موقف الاكراد؟ توزيع المقاعد في البرلمان يستوجب اتفاقات او تحالفات بين قوى غير متجانسة احيانا.. فللشيعة مجتمعين 196 مقعدا من اصل 328 في البرلمان مقابل132 مقعدا موزعة بين السنة 71 مقعدا والاكراد 58 مقعدا والتركمان ثلاثة مقاعد المؤكد ان مقتدى الصدر الفائز بالمرتبة الاولى ستكون له كلمة فصل وهو لن يكون رئيسا للحكومة لانه لم يترشح اساسا للبرلمان. لعل هناك من يذكر الهتاف باسمه ساعة اعدام صدام حسين الا انه يكرر انه ضد الطائفية وضد تدخل كل من ايرانوامريكا وسبق له ان زار السعودية العام الماضي.. من اللاعبين الرئيسيين تحالف الحشد الشعبي بزعامة هادي العامري الذي يعد رجل طهران، وهو الذي قاتل إلى جانب القوات الإيرانية خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980 - 1988). ومقابل قلة حظوظ النوري المالكي تبقى حظوظ حيدر العبادي وافرة وقيل انه يحظى برضا الخارج قبل الداخل. باختصار ارض الرافدين مستهدفة ومحل اطماع بعيدة وقريبة والمخطط المعادي المرسوم للعراق هو تقسيمه الى 3 دويلات على الاقل سنة وشيعة واكراد... ولم تخل البلد من ساسة لا يهمهم الوطن وولاءاتهم للخارج وايمانهم اقرب الى الدولاروالبترودولار.. واذا لم تقم فيها حكومة عابرة للطوائف تعمل بعقلية الوطن وتحدد مصب دجلة الخير، فسلام على هذا الوطن وسيعود العراق لما وصفه به الحجاج بن يوسف الثقفي ذات زمن.