ما أحوج بلادنا في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها اليوم أو حتى التي تأتي بعدها إلى نظام رئاسي يكون فيه لرئيس الجمهورية الصلاحيات الكاملة والكافية للتسيير والقيام بما من شأنه أن يضمن الاستقرار وتتواصل مسيرة البلاد في كنف الأمن ووحدة الصف ولو تتعدد الآراء وتختلف المشارب. إن الرئيس بورقيبة عند إعلان النظام الجمهوري قرّر واختار أن يكون النظام فيه رئاسيا بمعنى أن يكون المقود برئيس الدولة حفاظا على الانسجام وتجنبا لتشتت الأفكار وتضارب المسالك وحتى لا يصعب في نهاية الأمر اتخاذ القرار الحاسم الذي فيه مصلحة البلاد وقد أثبتت التجربة التي نعيشها الآن في تطبيق النظام الرئاسي المعدل أو النظام البرلماني تعطل كثير من المرافق وضياع كثير من ا لوقت وبروز أنواع من سوء التفاهم وانقسام الآراء ما جعل المصالح تتعطل وكل حزب بما لديه فرح. لقد حان الوقت ونحن على أبواب انتخابات رئاسية تبديل الدستور بما يضمن قيام نظام رئاسي على اعتبار أن لا خوف من استبداد الرئيس بالحكم وقيام الدكتاتورية إذ بلغ الشعب درجة من الوعي تسمح له بالقضاء على الدكتاتورية في صورة ما إذا وُجدت والإطاحة بالرئيس إذا خالف المصلحة العامة واستبدّ بالرأي. وإنّ لنا مثالين في هذا السياق مثال النظام الرئاسي الذي سار بالبلاد نحو تحقيق منجزات شتى بالرغم مما كان يلحق بالرئيس من نزعة اسبتدادية ثم مثال النظام البرلماني الذي نعيشه اليوم والذي يتسم بالتعثّر والبطء والارتباك. ويجرّني الحديث في هذا المجال والحديث ذو شجون كما يقال إلى التعرض إلى ما قاله بعضهم عند قيام ما سمي بالجمهورية الثانية بعد الثورة من أنّ الجمهورية الجديدة ليست هي الثانية بل هي الأولى لأنه لم تكن لنا جمهورية قبل تاريخ 14 جانفي 2011. هكذا بجرّة قلم يمحو من قال هذا الكلام كل ما قامت به جمهورية بورقيبة من إنجازات مثلى وما وفرته من مكاسب شملت جميع ميادين الحياة وغيّرت وجه تونس نحو الأفضل والأحسن والأجدى انظروا إلى هذه المكاسب بعين الحق لا بعين السوء من توفير الأمن وتوطيد أركان المؤسسات ونشر التعليم وبث المستشفيات وبعث مؤسسة الجيش الوني ومؤسستي الأمن والحرس وتوحيد القضاء وتنظيم الإدارة وبناء المساجد والسدود والطرقات والعناية بالشباب والفولة وتحرير المرأة بما جعلها ترتقي إلى المناصب العليا، كل هذا وغيره ممما لم تذكر وهو كثير أنكره بعضهم وأنكر الجمهورية الأولى وما حققته وكذلك الرئيس الذي كان وراء كل تلك المكاسب والمنجزات. سبحان الله! كيف يصل الحقد ببعضهم إلى التنكّر للحق الصراح والميل إلى النفي واصطناع الكذب والبهتان؟ بورقيبة بعث الجمهورية واختار النظام الرئاسي من أجل مصلحة تونس وهي ما تزال في بداية عهدها بالاستقلال لأنّه كان يريد بناءها على أسس التعاون والتفاهم والوفاق في فترة كان فيها الشعب لم يصل بعد إلى حسن أي اختيار نظرا لما تراكم على البلاد من قهر وجور. نقول إن لناكري جهد بورقيبة في بناء الدولة العصرية عن طريق النظام الرئاسي ثوبوا إلى ردشكم واتقوا الله واعترفوا بالحق لأهله وامسحوا من أذهانكم الحقد ومن قلوبكم المرض ومن صلبكم البغضاء لعل الله يوفرّج عنكم. وبعدُ نقول إن بلادنا اليوم وغدا في حاجة إلى من يدعم مسيرتها ويوفر أمنها ويحافظ على سلامتها. بلادنا في حاجة إلى من يقتلع الفساد من جذوره ويبيد الراشين والمرتشين ويحفظ الحقوق للجميع ويقاوم الفوضى ويقف بحزم وصلابة أمام كل من يسعى إلى التسلط والخروج عن القانون. بلادنا في حاجة إلى حكومة قوية فاعلة لا تخشى في الحق لومة لائم كالتصدي إلى المهربين والإرهابيين واستئصالهم من أرض تونس. بلادنا في حاحة إلى نظام رئاسي يكون فيه للرئيس من الصلاحيات ما من شأنه أن يغيّر ويحسّن لما فيه المصلحة بدون خوف ولا تردّد وبلا تململ أو انتظار.