تونس - (الشروق) يقع جامع الزيتونة في عُمق المدينة العتيقة ووسط مجموعة من الجوامع وزوايا أولياء الله الصالحين بمدينة تونس العاصمة. ويُرجّح بأن تسميته تعود إلى شجرة زيتون توسّطت أرضه الطاهرة ويُسمّى أيضا بجامع الزيتونة المعمُور وبالجامع الأعظم. وذلك لإشعاعه كمركز إسلامي ذاع صيته مكانا وزمانا. وتأسّس الجامع في 698ه. بأمر من حسّان ابن النعمان ووقعت توسعته خلال سنتيْ 704 و732. ويُصنّف جامع الزيتونة على أنّه ثاني أكبر جامع بالبلاد بعد جامع عقبة بن نافع. وشهد منذ عام 990 وإلى غاية 2009 أكثر من 9 أشغال تهيئة وترميم واسعة وإضافات ودعم بالوسائل والمعدّات والمُقتنيات المكتبيّة بداية من المنصور بن زيري ومرورا ببورقيبة ووصًولا إلى بن علي. وذلك برغم ما عرفته العشريّات الأخيرة من هضم لقدسية هذا الجامع الرمز وإيذاء لصوت الحق وأتباعه المُخلصين. ويتميز هذا الجامع بنمط هندسي متفرّد بتعدّد قببه وأعمدته الرخاميّة – الصحون – الأروقة – قاعات الصلاة – المحارب – الأحجار وغيرها والتي تبرز بقوة الابداع الزخرفي والمهارة الفينة المعمارية. ريادة علميّة على امتداد مراحله التاريخية والحضارية الناصعة كان ولازال جامع الزيتونة منارة للإسلام والعلم والمعرفة كمركز نشيط للتدريس والثقافة العربيّة الإسلاميّة الراقية تدعمت فيه وعبر جامعة الزيتونة كل المسائل المتعلّقة بروح وقيم وضوابط وفقه الإسلام القائم على العلوم الصحيحة ومقاصد الشريعة النافعة وحفظه القوي للغة العربية والاستماتة في الدفاع عنها. هذا إضافة إلى انخراطه في مقاومة الاستعمار وأذياله. واشعّ جامع الزيتونة في مغارب الأرض ومشارقها فقصده الدارسُون من الداخل والخارج لنهل علومه. وساهم الجامع أيضا في إثراء السّاحة الوطنية والمغاربية أيضا بأفواج متلاحقة من الهامات الدينية والزعماء المخلصين على غرار وبعيدا عن الحصر أو التّفضيل إبراهيم الرياحي – محمد الطاهر بن عاشور – محمد الخضر حسين – أبو القسم الشابي – الحسين بوزيان – عبد العزيز الثعالبي وعبد الحميد بن باديس وهوري بومدين الجزائريين وغيرهم كثّر ويعدّون بالآلاف ويُواصل جامع الزيتونة رسالته النافعة للبلاد والعباد .