شاهد التونسيون مساء أمس الاول الكلمة المفاجئة لرئيس الحكومة يوسف الشٌاهد على شاشة الوطنية الأولى التي أستعرض فيها مظاهر الأزمة السياسية التي تعيشها تونس ومن جملة ما قاله الشّاهد لم يبق في ذاكرة التونسيين إلا ما قاله عن نجل رئيس الجمهورية والمدير التنفيذي لحزب نداء تونس حافظ قايد السبسي ! . أهتمام التونسيون بما قاله ليس لأنه كان كلاما غريبا فيه رائحة تصفية الحسابات الشخصية فقط بل لأنه كشف عن عمق الهاوية التي سقطنا فيها وحالة العبث والامسؤولية التي تعيشها الطبقة السياسية الى الحد الذي تصبح فيه الخلافات بين رئيس الحكومة ومدير حزبه الحاكم مطروحة على الهواء وكأن مشاغل التونسيين وشواغلهم أنتهت ولم يبق لهم إلا الأهتمام بمعارك أقرب الى معارك الصبيان أو الأطفال . فنداء تونس ليس حزبا عاديا بل هو الحزب الحاكم والضامن لتواصل التجربة الديمقراطية وغيابه عن المشهد السياسي يعني أستفراد حركة النهضة بالحكم وبالتالي أنخرام التوازن السياسي الذي لا يمكن أن تقام معه أي تجربة للديمقراطية ولا للأنتقال السياسي ، ومهما كانت حقيقة الخلافات بين الشٌاهد وقايد السبسي فلا يمكن أن تتحوٌل الى سبب في أزمة سياسية أمتدت تبعاتها من مقر الحزب في القصبة وعلاقات العائلات القريبة والمتصاهرة في الضواحي الشمالية للعاصمة لتشلّ العمل الحكومي بشكل كامل . وإذا كان حافظ قايد السبسي مسؤولا الى حد كبير على أزمة نداء تونس فإنٌه ليس الوحيد ويوسف الشّاهد يتحمّل الجزء الأكبر من المسؤولية فهو مهندس صعود السبسي الأبن وهو من سلَّمه مفاتيح الحزب بعد أن هندس له مؤتمر سوسة في جانفي 2016 على مقاسه وبالتالي فالتهرّب من المسؤولية لم يعد مجديا اليوم فقد أخطأ عدد كبير من قيادات نداء تونس قبل أن يسلّموا الحزب الى السبسي الأبن ليضعه كبطاقة زيارة في جيبه بعد أن فقد وجوده على أرض الواقع ! إن أزمة نداء تونس من بين أزمات تونس الجريحة التي بدأت منذ أن غادر الرئيس الباجي قايد السبسي الحزب الذي أسٌسه لخلق التوازن السياسي في البلاد وهو الوحيد القادر اليوم على أصلاح الحزب ليستعيد دوره من أجل تعديل المشهد السياسي وهذا لن يتحقق دون الدفع نحو مؤتمر ديمقراطي لا تتحكٌم القيادة الحالية في الآعداد له حتى لا تعود ديكتاتورية وتغوٌل الحزب الواحد ونعود الى المربع الآول الذي خلنا أننا غادرناه للأبد .