لا تكاد عاصفة تهدأ داخل الحزب الحاكم نداء تونس، حتى تهب عاصفة جديدة مشحونة بالخلافات والتلاسن والاتهامات المتبادلة والتكتّلات المتنافرة التي تتطاحن في ما بينها. انشق الحزب في مرحلة أولى وغادرته أغلب القيادات المؤسسة له لتخوض تجربة حزبية أو لتلازم الصمت بعيدا عن الأضواء، واليوم مع ما تعيشه الكتلة من خلافات و"تشنّجات" داخلية بعد توقيع عريضة من طرف 38 نائبا للمطالبة بإعادة انتخاب رئيس للكتلة ومكتب جديد للبرلمان وتغيير اللجان البرلمانية وفق ما صرّح به النائب عن كتلة نداء تونس الطاهر بطيخ ويتوقّع ملاحظون أن الأمر قد يتطوّر لانشقاق جديد قد يضعف الحزب برلمانيا ويقضي على تأثيره في المشهد السياسي نهائيا. عبد الستار المسعودي القيادي "الغاضب" في نداء تونس وفي حديث خاطف ل"صباح" تحدّث عن الأزمة الجديدة داخل الكتلة النيابية مشيرا إلى كونها ليست أزمة جديدة بل هي أزمة لها جذور من الماضي. ممارسة الفشل حدّ "التخمة" في مستهل حديثه شخّص عبد الستار المسعودي الأزمة داخل الحزب قائلا "سبب الأزمة المتواصلة عدم مسؤولية المسؤولين، في البداية تأسس الحزب وعملنا على بنائه لبنة، لبنة إلى أن بلغ مرحلة الانتخابات وفاز تشريعيا ورئاسيا ولكن تضخّم أنا البعض واعتبار أنفسهم "فلتة لن يجود الزمان بمثلها" دفع إلى الأزمة وغادرت القيادات المؤسسة التي حملت على كاهلها أعباء التأسيس وصنعت من نداء تونس وفي وقت وجيز، حزبا كبيرا اكتسح المشهد السياسي . بعد مغادرة هذه القيادات أمسك حافظ السبسي والمجموعة التي معه بزمام الأمور ولم يفعلوا شيئا غير ممارسة الفشل إلى حدّ "التخمة".. وهذا الفشل طبيعي لأن الحزب لم ينبن على مؤسسات قويّة تضمن ديمومته واستمراره وتحافظ على وحدته وقوّته مهما اختلفت الآراء والمواقف داخله، فمن تولّى القيادة بعد أزمة الانشقاق الأولى ومغادرة القيادات المؤسسة للحزب أناس يؤمنون ب"الشخصنة" تقودهم نوازع الأنانية والذاتية المفرطة. وحول ما يحدث اليوم داخل الكتلة البرلمانية للنداء والأزمة الطاحنة التي توشك أن تندلع من جديد داخل الحزب وتنذر بانشقاق جديد، قال عبد الستار المسعودي "ما يحصل اليوم.. المتضررين منه ان جاز التعبير يستحقون ما يحصل لهم ألم يكونوا هم من قاموا بهدم المعبد، أليس سفيان طوبال وبوجمعة الرميلي ورضا بلحاج هم من انقلبوا على القيادة الشرعية للحزب ونفخوا في صورة نجل رئيس الجمهورية حافظ قائد السبسي وجعلوا منه "قائدا" وكل ذلك لمآرب ذاتية ولغاية في نفس يعقوب ولأنهم يريدون الاستئثار بالجاه وممارسة السلطة؟ ولكن السحر انقلب على الساحر". وأضاف المسعودي"كما كان يقول الباجي قائد السبسي "كي تربّي نمر من بعد يدور عليك" وهم من خلقوا من حافظ قائد السبسي هذا "النمر" الذي يريد اليوم ان يلتهمهم، في وقت سابق احتمى هؤلاء بحافظ قائد السبسي بغاية إقصائنا وإبعادنا عن الحزب لكن اليوم أتى الوقت لينهشوا بعضهم البعض، ما يحصل في النداء هو "معركة بين الخونة" الذين أجهزوا على حزب نداء تونس كمشروع ديمقراطي وهم اليوم بصدد تصفية بعضهم البعض." وحول ما إذا كان يمكن لنداء تونس أن يحتمل أزمة جديدة ومصيره في ظلّ هذه الفوضى التي تعصف به من الداخل، يقول عبد الستار المسعودي "سأجيب بذلك المثل الشعبي البليغ "نداء تونس صابة وحُجرت"، اليوم هناك مجموعات مصارعة تعمل على تدمير نفسها وتدمير الحزب معها، وهو ما جعل عدد كبير من المناضلين الجهويين والمحليين خاصّة يتألمون للحال التي وصلها الحزب ويتصلون بنا يوميا للسؤال عن أسباب "الانهيار" والخلافات التي لا تنتهي.. إجابتنا دائما دع الخونة يصفون بعضهم البعض.. وحسنا فعل حافظ قائد السبسي عندما قزّم من نفخ في صورته.. كل أوراق التوت بدأت تسقط اليوم والناس ستلفظهم وسيعود الحزب في النهاية لمؤسسيه وقياداته المخلصة أمّا هؤلاء فسينتهون آجلا أم عاجلا."