حذرت منظمة الدفاع عن المستهلك من خطورة حالة الانفلات والفوضى التي تعيشها التلفزات التونسية في شهر رمضان وخاصة فيما يتعلق بقطاع الإشهار والأعمال الدرامية محملة المسؤولية للهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري التي أكدت بدورها انها أصدرت عقوباتها في هذا الشأن. تونس الشروق تجاوزات بالجملة تعيش على وقعها التلفزات التونسية في شهر رمضان منها مايتعلق بالإشهار الذي تعدى كل القوانين المنظمة له ومنها ما يخص المسلسلات الدرامية التي ضربت عرض الحائط بكل بنود المرسوم ... وقد أثار تهاطل الومضات الإشهارية استياء بين المشاهدين التونسيين، الذين انتقدوا بثّها أثناء عرض البرامج والمسلسلات بطريقة مفرطة وغير مدروسة. فهي تجاوزت وبشكل كبير الفترة الزمنية التي حددها المرسوم مؤكدين على الإشكاليات المرتبطة بالومضات الإشهارية والتي تتصل أساسا بالمساهمة السلبية في التشجيع على الاستهلاك غير الرشيد والسقوط في فخّ التبذير ...كما حذر عدد من الخبراء والجهات المختصة من تأثير الإشهار التلفزي على المستهلك واعتبروا أن مافيا الإشهار سيطرت على القطاع وان قوة المال هي التي تتحكم في المشهد. فتخمة الإشهار ومضامينه المستهلكة والساذجة والهجينة تعطل جهاز هضم المادة الإعلامية وتفسد على المشاهد لذة الفرجة حتى ان المتابع للقنوات التونسية حفظ هذه الومضات وملها اذ أصبحت تأخذ حيزا زمنيا أكثر من بقية البرامج في غياب لجان تراقبها وقوانين تنظمها قبل ان تبث على شاشات التلفزيون. فهذه الومضات الإشهارية الى جانب انها تُمارس نوعا من الضغط على المشاهد وتوجيهه لاستهلاك مادة معينة فهي تصله أيضا عبر كلمات صادمة أحيانا وصور مستفزة في غياب تام لأي تصور أو إبداع امام صمت الهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي البصري ونفس الشيء ينسحب على مسلسل علي شورب الذي يقدم كما هائلا من العنف اذ لم تنبه الهايكا المشرفين على قناة التاسعة الى وضع علامة أسفل الشاشة طيلة عرض الحلقة تفيد أن البرنامج ممنوع على من سنهم أقل من 12 سنة مع تجنب عرض المسلسل قبل الساعة العاشرة مساء كما جاء في المرسوم خاصة وان الهيئة قد اعتمدت ذلك مع مسلسل «حكايات تونسية» رمضان الفارط على قناة الحوار التونسي. الإشهار وفي هذا الصدد يوضح عضو الهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي البصري هشام السنوسي ويقول «الهايكا بصدد اصدار العقوبات خاصة فيما يتعلق بالإشهار لكن هناك عقوبات يمنع المرسوم 116 من الإعلان عنها وللأسف هناك تجاوزات كبرى في هذا القطاع حيث تجاوز ولاول مرة 40 ٪ اشهار في الساعة ما يعادل 28 دقيقة في ساعة بث واحدة بدل من 8 دقائق وهذا التجاوز سجلته قناة نسمة..» يضيف السنوسي «الهايكا تتدخل عندما يخول لها القانون ذلك لكن الإشكال القائم اليوم هو ان الإشهار بقدرما هو الوسيلة الوحيدة لتمويل التلفزات لكن في نفس الوقت تحوّل الى صناعة المضامين والإثارة ...» يؤكد هشام السنوسي «ورغم كل شيء الهايكا لم تتخلى عن واجبها وهي بصدد اصدار التنابيه للمخالفين والتي ينجر عنها فيما بعد عقوبات ...» وحسب عضو الهيئة فإن التجاوزات لا تقف على الومضات الإشهارية بل ان المنشطين أيضا يعطون مساحة كبيرة للإشهار على حساب المضامين حتى ان المشاهد لم يعد قادرًا على التفريق بين المضمون الإعلامي والإشهار مثل écran patagé على حد تعبيره مضيفا ان هناك خلطا كبيرا بين الأنماط الإشهارية مثلا تركيز منتج خاص في الحصة المتعلقة بالطبخ وويقدمه المنشط على انه أفضل منتوج هذا التجاوز ايضا صدر فيه قرار من الهيئة حسب السنوسي .. اما فيما يتعلق بالمسلسلات يقول هشام السنوسي «في هذا الخصوص نعتمد الشكاوى وهذه السنة لم يرد على الهيئة شكاوى من هذا النوع لكن في المقابل الإنتاج الدرامي لهذا الموسم مختلف وشهد تحسنا الى جانب انه هناك منافسة كبيرة من المسلسلات العربية الأخرى لذلك لا يجب ان ندفع بالمشاهد الى القنوات الأجنبية ونفسح المجال للمسلسلات المنافسة لكن تبقى قضية الجودة قضية أساسية ...» التوعية والردع من جهتها حذرت منظمة الدفاع عن المستهلك من خطورة مضامين الومضات الإشهارية في غياب قوانين رادعة مطالبة الهياكل المعنية بالتحرّك الفوري لإيجاد حلول جذرية لهذا الانفلات وفي هذا الصدد يقول نائب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك أكرم باروني «هناك خروقات كبيرة فيما يتعلق بالإشهار التلفزي في شهر رمضان ونحن كمنظمة نطالب بتطبيق القانون واحترام مبدإ المساواة وكمجتمع مدني يضيف الباروني «نتدخل من خلال إشعار الهيئة باعتبارها سلطة رادعة ومن صلاحياتها التدخل ونلفت نظرها الى التجاوزات وهي تقوم بالإجراءات اللازمة. ومن بين هذه التجاوزات المدة الزمنية لبث الومضات الإشهارية وعدم الإعلان عن الفاصل الإشهاري أيضا الترويج للوجه الإيجابي للمنتوج والجانب الذي يخدم مصلحة المستشهر فقط ..» يؤكد أكرم باروني «لكن تبقى السلطة الأولى والأخيرة للهايكا التي بإمكانها اصدار القرارات الردعية في حق المخالفين اما منظمة الدفاع عن المستهلك مهمتها ترشيد المستهلك وتوعيته فقط وللأسف الإمكانيات لا تسمح لنا بإعداد هذه الومضات التوعوية وباعتبار الهيئة لديها سلطة على التلفزات هي القادرة من تمكين الجمعية من اعداد وبث الومضات التحسيسية تزامنا مع الومضات التجارية حتى يتمكن المستهلك من التفريق بين الغث والسمين ...» القرار عدد 2 لسنة 2017 المؤرخ في 21 جوان 2017 والمتعلق بالقواعد السلوكية للإشهار في وسائل الاتصال السمعي البصري ينص على الالتزام بالمدة المخصصة للومضات الإشهارية المنصوص عليها 8 دقائق في ساعة البث أيضا الفصل بطريقة واضحة بين الرسائل الإشهارية وبقية البرامج مع الإعلان عن بداية الإشهار ونهايته ، يجب ان تلتزم برامج التسوق عبر الشاشة بالقوانين والتراتيب المتعلقة بالتجارة وبحماية المستهلك ويمنع استعمال الأطفال في هذا الصنف ... وفيما يتعلق بمشاهد العنف المصاحبة للأعمال الدرامية ينص المرسوم 116 على ضرورة الكتابة على كامل الشاشة وبخط واضح أن «هذا البرنامج يحتوي على مشاهد عنف من شأنها التأثير على الفئات الحساسة وخاصة الأطفال دون سن 12 سنة» لمدة 10 ثوان بالإضافة الى وضع علامة أسفل الشاشة طيلة عرض الحلقة تفيد أن البرنامج ممنوع على من سنهم أقل من 12 سنة مع تجنب عرض المسلسل قبل الساعة العاشرة مساء.