لئن اعتبر بعض المتتبعين للشأن السياسي أن عملية تعليق العمل بوثيقة قرطاج من قبل رئيس الجمهورية كانت دليلا عن خسارته لخيوط اللعبة السياسية فالوقائع تُثبت أنّ الأمور عادت إليه مرة أخرى ليصبح القول الفصل بيده. تونس الشروق: مثل الخطاب الأخير الذي توجه به رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى الشعب نقطة تغير مهمة في مسار وثيقة قرطاج 2 حيث انه دفع كل الأطراف إلى دعوة رئيس الجمهورية لاستعادة المبادرة من جديد ودعوة كل الموقعين إلى الاجتماع في أقرب وقت لوضع حد لحالة الغموض والتصعيد. كيف عجز الرئيس وكان الخطاب حسب قراءة أغلب الموقعين على وثيقة قرطاج 2 نقطة فاصلة ومؤشرة على مستقبل الصراع بين حركة نداء تونس ورئيس حكومتها يوسف الشاهد حيث ان تطور الصراع الحزبي الداخلي للحزب الاغلبي وظهوره الى العلن زاد من المخاوف حول مصير البلاد. كما اعتبروا ان تواصل الغموض الحالي لا يخدم تونس خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها التي تتطلب تضافر كل الجهود وتعزيز التوافقات لا التفريط فيها خاصة وانه تم الاتفاق حول برنامج الإنقاذ الاقتصادي بين مختلف مكونات اجتماع قرطاج اي ان الخلافات لم تعد حول الحلول والإصلاحات الاقتصادية وانما حول شخص رئيس الحكومة وبالتالي لا يمكن أن يصبح الأشخاص أهم من البرنامج او من مصلحة البلاد. وفي هذا السياق كانت حركة النهضة أول المبادرين الى دعوة رئيس الجمهورية الى استئناف الحوار بين مكونات وثيقة قرطاج 2 في أقرب الأوقات وبشكل أو بآخر، وكان هذا تأكيد على ان الأوضاع لم تعد تحتمل مزيد التأجيل أو التعليق للتوافق. استعادة المبادرة ومن جهته أكّد نداء تونس قبل ذلك خلال اجتماع مكتبه السياسي بمكتب كتلته النيابية انه مازال متمسكا بالتوافق مع حركة النهضة وباقي مكونات وثيقة قرطاج وان مشاوراته معها متواصلة، ولم يتغير ذلك الموقف بعد خطاب رئيس الحكومة الذي تهجم فيه على المدير التنفيذي للنداء. لقد عبرت عملية تعليق العمل بوثيقة قرطاج عن مأزق حقيقي مر به رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي عندما وجد نفسه حكما في اجتماع انقسم فيه الممضون على الوثيقة الى نصفين وكل منهما تمترس خلف موقفه. كانت لحظات ربما من أصعب اللحظات التي مرت على الباجي قائد السبسي حيث انه وقف عاجزا على ايجاد توافق حول النقطة 64 ولو بشكل جزئي فنسبة 5 مقابل 4 لا يمكن ان تكون توافقا وتمسك كل طرف بموقفه واستعداده لمغادرة الوثيقة اذا تم تمرير الموقف المخالف له كانت الحجر الذي جعل الباجي امام طريق مسدود. لكن ربما لحسن حظ رئيس الجمهورية ان ذلك الوضع لم يتواصل كثيرا فمجرد عودته من باريس وجد ان المعطيات تغيرت كثيرا وخطاب رئيس الحكومة قدم له فرصة جديدة للعودة الى طاولة الحوار مع مختلف الأطراف التي أصبحت مقتنعة ان الأوضاع لا يمكن ان تتواصل على ما هي عليه بعد تعليق العمل بالوثيقة وعبرت أغلبها عن استعدادها للعودة من جديد في أقرب وقت. ومن هنا يظل السؤال المطروح اليوم كيف سيتحرك الباجي قائد السبسي بعد ان استعاد زمام المبادرة؟ وهل ان لقائه السري برئيس حركة النهضة الأستاذ راشد الغنوشي سيكون له دور في حلحلة الأوضاع خاصة مع موقف الحركة الداعي الى العودة في أقرب وقت الى الحوار والتوافق؟.