الاستغفار دواء القلوب كما أن داءها الغفلة، وقد وردت كلمة الاستغفار ومشتقاتها في القرآن الكريم في 239 موضعا وآية، فالقلب مصدر الاستقبال والتلقي، ومنه تصدر الأمراض النفسية والأخلاقية، (البغض، الكره، الحسد، والظلم) وكلها من القلب تظهر كما عكسها، كما أن القلب من يرسل مواد الإرادة الإنسانية للكون ويستقبلها منه في ذات الوقت. ولا يختلف اثنان بأن الإنسان بنواياه الصالحة يجلب المزيد من النوايا الصالحة، وبسوء النية يجلب المزيد من السلبيات لحياته، وكذلك هو قانون الاستغفار الإلهي، فالله تعالى يقول: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توبا رحيما). والعلاقة الإيجابية والنية الصالحة المرتبطة بأعظم خلق الله نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، بمنحنى الإيجابية وارتباط الوحي بالعمل الصالح، وارتباط ذلك كله بالاستغفار ذاته، (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) ارتباط مباشر باللطف الإلهي، فما من أحد نوى التوبة إلا سبقه الله بنية الغفران، فأرضى إلى الله سبحانه وتعالى من أن يغفر من أن يعاقب، لأن الله سبحانه ليس له أي غاية أو هدف لعذاب الناس، فيقول الله تعالى: (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم)، فجهنم أشبه ما تكون بسلة مهملات ضيقة ومغلقة في الكون، ويتم جمع كل خبيث فيها ليعم السلام فيه، فهذا هو التشبيه الذي أستقربه لواقع المستغفرين، وكيف أن الاستغفار له قيمة كبرى ومنجي من كل شر وضر وعذاب، وهو مفتاح نيل وإجابة الدعوات، وهنا إشارة في القرآن الكريم: (ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم). عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه يقول: (عجبت لمن يقنط مع الاستغفار) فقيمته كافية، واستعماله شافي ووافي، والعون به مقابل كل مقابل، فالاستغفار من أكبر النعم التي وهبها الله لنا وحصن به قلوبنا وعقولنا، وحري بنا أن نكثر منه في شهر رمضان، وأن نستغله في طلب العتق من شر النار ومن النار.