الأستاذ بدرالدبن الربيعي المحامي لدى التعقيب إن الأمر الحكومي الصادر مؤخرا والمتعلق بتغيير بعض اجراءات توريد السيارات من طرف التونسيين المقيمين بالخارج لدى عودتهم النهائية الى أرض الوطن والانتفاع بالامتياز الديواني المتعلق بتغيير المقر وهو ما يقبر عنه «بالآف سي آر» (FCR) والقاضي بالابقاء على خلاص معلوم ديواني مخفض (في حدود 25 ٪ فقط من المعلوم العادي المستوجب) لكن مع إلزام المنتفع به بعدم بيع السيارة طيلة عام كامل، إن هذا الاجراء الجديد فضلا عن كونه مضرا بمصالح أصحاب هذه السيارات فهو مخالف لحكمين على الأقل من أحكام الدستور وهما الفصلان 24 الي يضمن حرية التنقل لكل مواطن تونسي والفصل 41 الذي يضمن حق الملكية لكل مواطن تونسي. ومن شأن تحديد حرية البيع هذا او منعه لمدة سنة كاملة ان يقيّد حرية التنقل التي هي بواسطة هذه السيارة حاليا وليست على الرجلين علما ان عبارة الدستور وردت عامة وهي تفهم على اطلاقها. وفي الوقت الحاضر لم يعد التنقل ممكنا الا بواسطة السيارات وبالتالي فمن حق المواطن التنقل بواسطة سيارته الخاصة، خاصة وان ظروف النقل من تاكسيات وسيارات أجرة ووسائل نقل جماعي ونقل عمومي من حافلات وقطارات ومترو خفيف غير مرضية وتشكو الكثير من النقائص المشاكل ليس هذا مجال التعرض لها. أما بالنسبة لحق الملكية فهو مطلق ويشمل حرية التصرف اي البيع ولا يمكن لأي قانون أن يقيده او يحد من مداه بهذه الطريقة المخالفة للدستور. ومن الضروري والملح مراجعة هذا القرار والرجوع فيه وإلغاؤه في أقرب الأوقات لأن المواطن قد أثقل كاهله بعدة اجراءات وقوانين جعلت حياته عسيرة. أفلا يكفيه غلاء أسعار السيارات المشط الناتج عن تدهور سعر الدينار حتى نزيده معاليم ديوانية تفوق سعر السيارة الاصلي حيث يستخلص منه أكثر مما يتحصل عليه المصنّع الذي أنتج السيارة من تراب وأدخل فيها آخر ما توصل اليه العلم الحديث وتقنية صناعة السيارات وخلاصة التجارب وعصارة الأبحاث العلمية المتطورة وتكلفة الانتاج. وطالما أننا لا ننتج السيارات محليا وبوسائلنا الخاصة وبالقدر الذي يفي حاجيات المواطنين ويكفي الطلب المتزايد على وسائل النقل فمن واجب الدولة توفير هذه الوسائل بأسعار معقولة وتخفيض المعاليم الديوانية بما يتماشى مع المعايير الدولية وما هو معمول به في جل البلدان التي لنا تعامل او شراكة معها والتي لا تتجاوز فيها هذه المعاليم 19 ٪ او 20 ٪ مثل ألمانيا وفرنسا وايطاليا. فهناك قوانين تونسية تعاقب على الترفيع في الاسعار بالنسبة للتجار وذلك حتى في بضائع بسيطة وغير مرتفعة الأثمان فكيف تفرض الدولة مثل هذه الأسعار الخيالية والمشطة على منتجات أصبحت ضرورية لحياتنا اليومية وهي بالأساس مرتفعة الثمن من بلاد المصدر ولا طاقة لغالبية الموانين باقتنائها. ولو كانت لنا صناعة محلية أو وطنية للسيارات لأمكننا فرض ماليم ديوانية مرتفعة كإجراء حمائي لكن ذلك غير مبرر وغير مفهوم في غياب مثل هذه الصناعة الوطنية. كما يمكن التفكير في التخفيض من نسبة المعاليم الديوانية بما يتماشى مع تدني سعر صرف الدينار بالعملات العالمية إذ أن هذه النسبة التي تبلغ مائة بالمائة رغم شططها فقد كانت محتملة أم الآن وقد أصبح سعر الصرف مضاعفا ثلاث مرات فإن هذه النسبة أصبحت بدورها تبلغ ثلاثة أضعاف وهو ما يستحيل تحمله من رف العائلات التونسية في الوقت الحاضر ولو وقع النزول بها بنسبة الثلثين لعادت إلى مستواها الأصلي عند إقرارها مع إمكانية اعتماد نظام السلم المتغير وربط هذه النسبة مع سعر الصرف بحيث تتغير صعودا ونزولا مع قيمة الدينار إزاء العملات العالمية المتداولة عند التوريد مثل اليورو والدولار الأمريكي. وعندئذ تحصل المعادلة بين مصلحة المواطن وحقوق الدولة في الحصول على مواردها المالية.