مصارحة الطبيب مقلقة أحيانا تضرّ المريض أكثر مما تنفعه ولامر كهذا قد يعمد إلى إخفاء بعض الحقائق عنه تخوفا من تدهور نفسيته. ولكن ألا يمكن اعتبار أن اخفاء حقيقة المرض سلوك قد لا تقرّه آداب المهنة؟ هذا الموضوع أصبح يطرح بكثرة في وقتنا الحالي خاصة مع تضاعف نسب المصابين بالأمراض الخبيثة. ويقر الدكتور محمد بوشوشة بأن الطبيب يعايش بالفعل حالة من القلق والحيرة حول مصارحة المريض فهو يخاف تأثيرها العميق على نفسيته ويضيف: «أنه رغم وجود كليات مختلفة تدرس الطب وهي على اختلافها وفرت مادة ثرية للقطاع فإن العامل المشترك بين هذه الكليات «قسم أبوقراط» الذي ينصّ على حماية حياة الانسان بكلّ أشكالها والتي منها الحالة النفسية. إن المشكلة الحقيقية هي مشكلة أخلاقية بالأساس وللطبيب الحرية المطلقة في أخذ القرار لكن اجمالا أعتقد أنه أمام الأمراض الورمية (السرطان) والجرثومية (السيدا) وأمام بعض الأمراض الأخرى التي يصعب معالجتها وجب اختيار مسلك الاخفاء والمسايرة». ولا يختلف رأي الدكتور عبد الرزاق يحيى عن رأي الدكتور محمد بوشوشة إذ يؤكد أن صراحة الطبيب يمكن أن تضرّ أكثر مما تنفع يقول: «القرار دائما يبقى للطبيب وهو قرار إنساني بالأساس وعليه فإن الاخفاء خاصة في المراحل الأولى للعلاج أمر ضروري لأن مصارحة المريض تؤثر عليه وعلى نمط حياته وقد يعزف عن الأكل والشرب وتزداد حالته تعكرا. الاحتفاظ بأسرار المريض وعدم مصارحته بالحقيقة هو علاج نفسي أما في المرحلة الأخيرة من مداواته التي يضطر فيها المصاب ببعض الأورام الخبيثة إلى ملازمة الفراش فإننا نخيّر وقتها مصارحة أحد أفراد أقاربه». **اكتئاب من جانبه يوضح الدكتور مبروك التيس وهو مختص في أمراض القلب والشرايين أن ردّة فعل المريض قد تميل إلى التأثر والتأزم النفسي والاكتئاب أيضا خاصة إذا اتضح أنه مصاب ببعض أمراض القلب والشرايين وبالجلطة القلبية أو ببعض الأورام السرطانية وعليه فإنه وجب مصارحة المريض. إنه من الضروري الأخذ بعين الاعتبار أن المريض إنسان قبل كل شيء ومهما تهدّدته الأمراض القاتلة فإنه دائما يظلّ يرنو إلى الحياة وفي قسم الطبيب (قسم أبو قراط) ما يؤكد ذلك ينص هذا القسم: «أقسم باللّه العظيم أن أراقب آلة اللّه في مهنتي، أن أصون حياة الانسان في كافة أدوارها، في كلّ الظروف والأحوال... وأن أحفظ للناس كرامتهم وأستر عورتهم وأكتم سرّهم وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة اللّه...».