تونس الشروق: بعد تقلبات الأيام الأخيرة أصبحت تسود الرأي العام تساؤلات ومخاوف حول قدرة الحكومة على تنفيذ ما وعدت به من اصلاحات وأيضا حول اتمام الاصلاحات التي أطلقتها في مجالات اخرى او التي تنوي اطلاقها. أكد يوسف الشاهد أكثر من مرة أن حكومته بادرت منذ 2017 الى القيام بعديد الاصلاحات وانه سيقع استكمالها او تنفيذ اخرى جديدة خلال سنتي 2018 و2019 . غير ان المراقبين يتساءلون ان كان يوسف الشاهد سيقدر (في صورة بقائه) على تنفيذ ما وعد به او ما خطط له من اصلاحات في ظل تعدد التقلبات السياسية في المدة الاخيرة. فقد ألقت المعارك الاخيرة الدائرة بين مختلف الاطراف السياسية بظلالها على الوضع العام للبلاد، حيث تعطلت عديد المصالح الاقتصادية وتأثر عمل الإدارة وساد الارتباك والفوضى على اكثر من صعيد واصبح المواطن خائفا من المستقبل ومن الطبيعي ان تتاثر ايضا الجهود الاصلاحية التي تقول الحكومة انها شرعت في تنفيذها. اصلاحات وكانت الحكومة قد وضعت في وقت سابق مخطط عمل وصفته ب»الاصلاحي» وقالت انه سيشمل تنفيذ عديد الاصلاحات. وقد وقع الانطلاق في تنفيذ بعض الاصلاحات بعد تضمينها بقانون المالية 2018، مثلا في المجال الجبائي والتجاري وغيره. كما اعلن رئيس الحكومة في عديد المرات ان اصلاحات اخرى عديدة مازالت منتظرة خلال العام الجاري والعام القادم، واعدا بان البلاد ستدخل مرحلة جيدة بداية من 2020 وستتحسن فيها الاوضاع الاقتصادية والقدرة الشرائية للمواطن وسيتعافى الاقتصاد. كما تم الشروع في تنفيذ اصلاحات في مجالات اخرى عبر سن نصوص قانونية جديدة للتشجيع على الاستثمار وعبر محاولة التقليص من التعطيلات الادارية ولمكافحة الفساد. كل الاصلاحات المذكورة ستصطدم الآن بالمناخ العام السائد حاليا الذي اصبح يتميز بعدة معارك: معركة بين الحكومة وأطراف أخرى تنتقدها بسبب ضعف الأداء وعدم القدرة على تنفيذ الاصلاحات الموعودة وتتهمها ايضا بالفشل في معركة محاربة الفساد وطالبت بتغيير الحكومة برمتها وبتكليف رئيس حكومة جديد أما المعركة الثانية فهي القائمة بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد وحزبه نداء تونس خاصة بعد ما ذكره مؤخرا من انتقادات تجاه المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي الى جانب الانتقادات المتواصلة من النداء للحكومة ولرئيسها. وتوجد أيضا خلافات وصراعات أخرى بعضها مخفي والبعض الآخر معلن من ذلك الاختلاف الذي يقسم حاليا الموقعين على وثيقة قرطاج حول بقاء يوسف الشاهد وكذلك ما يتردد حول تقلب العلاقة بين النهضة وأطراف أخرى فاعلة في المشهد السياسي. وعلى صعيد ثالث تلوح خلافات كبيرة في الأفق بين الحكومة واتحاد الشغل بسبب المفاوضات الاجتماعية الجديدة وبسبب تنفيذ اتفاقيات سابقة، إلى جانب تمسك الاتحاد بتنحية الشاهد. اصلاحات مهدّدة هذا الوضع سيجعل من الفترة القادمة صعبة بحكم تعدد الخلافات والصراعات، والتي ستُصعّب حتما مهام الحكومة ورئيسها (في صورة تواصل بقائها) في تنفيذ الاصلاحات الموعودة اوالمبرمج اطلاقها خلال 2018 او التي وقع الشروع فيها ولم تستكمل بعد. وهو ما سيزيد من تدهور الوضعين الاقتصادي والاجتماعي وسيؤثر ذلك حتما على حالة الاستقرار السياسي الذي تعيشه البلاد وقد يدفع نحو خيارات دستورية اخرى للفترة القادمة.