بعد غد السبت سيتم الأعلان عن نتائج الدورة الأولى لأمتحان البكالوريا وسط جدل كبير حول النسخة الجديدة من دليل التوجيه المدرسي الذي صدر مؤخرا. وبغض النظر عن تفاصيل دليل التوجيه لابد من الأشارة الى ان التعليم العالي في تونس يحتاج منذ سنوات الى مراجعات هيكلية عاجلة حتى يستعيد دوره كقاطرة للتغيير الأجتماعي وللتنمية لأن مفهوم التعليم الجامعي خاصة لم يعد هو نفسه. إن تونس التي راهنت على التعليم منذ الأستقلال في سنة 1956 تواجه اليوم تحديٌات كبيرة وخاصة بطالة الحاصلين على الشهادات الجامعية الذين لم يجدوا مكانا في سوق الشغل وهي الأزمة التي تعاني منها عديد الشعوب في العالم. فالبكالوريا التي يحلم بها الاف الشبٌان التونسيين تطرح مشاكل اخرى فالعديد من الأختصاصات لم يعد لها سوق في تونس ولابد أن تتم عملية ملاءمة لسوق الشغل مع أختصاصات التعليم التونسي وهي مقاربة نجحت فيها دول عديدة من بينها ألمانيا التي يفترض ان نستفيد من تجربتها العريقة والناجعة. فخلال السنوات الأخيرة عانت تونس من الأختيارات السيئة في التعليم والأمن وغيرهما وهو ما أدى الى النتائج العكسية السيئة التي وقف عليها التونسيون ولا يمكن التوقٌف عند نتائج مناقضة للممارسات الطبيعية التي تتلاءم مع القانون والتي لا يمكن تجاهلها مهما كانت السياقات. فالحصول على البكالوريا لم يعد حلما فلا يكفي الحصول على البكالوريا بل يجب أختيارشعبة علمية او تقنية تتماشى مع امكانيات التلميذ المقبل على الحياة الجامعية حتى ينجح في مساره العلمي والتقني وهذا يحتاج إلى أصلاحات حقيقية ولا يكفي ما تضمنه دليل التوجيه الجامعي عن الشعب « النبيلة « وهو ما لا يمكن قبوله أو مناقشته. وفي الحقيقة لا يمكن اصلاح التعليم العالي أو الدعوة لذلك دون منظومة جديدة للتعليم تبدأ من مرحلة ما قبل التعليم الابتدائي الى مرحلة التعليم العالي فالتعليم في تونس أصبح مشكلة حقيقية لابد من إعادة النظر فيها بغض النظر عن الحكومات المتعاقبة. فتونس الْيَوْمَ بعد أكثر من نصف قرن من الأستقلال مازالت تقف في النقطة الصفر ومازالت منظومة التعليم والتربية بشكل عام تحتاج الى أصلاحات حقيقية وقد أثبتت امتحانات البكالوريا والنوفيام ومناظرة الدخول إلى المرحلة الأعدادية حاجة البلاد الكبيرة الى أصلاح شامل وعاجل من أجل انقاذ منظومة التعليم العمومي.