بعد موجة الانتقادات التي واجهتها حكومة الشاهد من الأطراف السياسية والمنظمات الوطنية جاء دور ردة الفعل الشعبية بسبب الإجراءات «المؤلمة» الأخيرة أبرزها الزيادات الأخيرة في أسعار المحروقات وفي نسب الفوائض البنكية.. تونس «الشروق» في وقت تواجه فيه الحكومة ضغوطات سياسية عديدة ودعوات من أطراف حزبية ومنظمات وطنية الى إقالتها، جاءت قراراتها الأخيرة الزيادة في أسعار المحروقات وأسعار الفائدة البنكية لتزيد في حدة الانتقادات تجاهها لكن هذه المرة من الجانب الشعبي. ويرى متابعون أن ذلك سيمثل دعما لمواقف الأطراف التي تدعو منذ مدة الى اقالة الحكومة وهو ما قد يشكل ضغطا جديدا على يوسف الشاهد وعلى فريقه الحكومي. صدمة الزيادات في ظرف أسبوع، اصطدم التونسيون بقرارين من الوزن الثقيل اتخذتهما الحكومة. وكلاهما ستكون له تأثيرات وخيمة على المقدرة الشرائية في قادم الأيام. فالترفيع في نسب الفائدة المديرية البنكية سيرفع من تكلفة القروض بالنسبة الى الأفراد والمؤسسات. وهذه الأخيرة ستضطر الى الرفع في أسعار بيع منتوجات لأن تكاليف الإنتاج لديها ( ومن بينها تكاليف القروض التي تحصل عليها لتمويل أنشطتها) سترتفع. وسيكون المواطن الضحية الأول لهذا الخيار. وقد نبهت مختلف الأطراف في الآونة الأخيرة من هذا الإجراء على غرار اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف واتحاد الفلاحين الى جانب أحزاب سياسية وخبراء ومحللين ودعوا البنك المركزي الى التراجع عنه. ثم جاء القرار الثاني المتعلق بالزيادة في أسعار المحروقات. وهو الثالث منذ بداية العام والثاني في ظرف 3 أشهر. كما أن القرار رافقه اتهام للحكومة ب «سوء النية» لأنها أعلنته في وقت كان فيه التونسيون منشغلين بمقابلة تونس في كأس العالم وبنتائج الباكالوريا وبالامتحانات الوطنية. وهو ما خلق هوة جديدة في علاقة الحكومة بالشعب من حيث الثقة وأخلاقيات العمل الحكومي التي من المفروض أن تتحلى بها الحكومة تجاه الشعب. وهذا الترفيع في سعر المحروقات لن يمر في الفترة القادمة دون أن تكون له آثار سيئة على المقدرة الشرائية للمواطن. فبالإضافة الى ارتفاع تكاليف المحروقات بالنسبة الى أصحاب السيارات سترتفع أيضا تكاليف النقل العمومي والخاص. وسترتفع أيضا أسعار منتوجات عديدة أخرى بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج لدى المؤسسات. احتقان شعبي بالنظر الى كل ذلك يبدو أن منسوب الاحتقان الشعبي والجماهيري تجاه الحكومة أصبح في ارتفاع مما قد يمثل بالنسبة اليها صعوبات وضغوطات إضافية وربما تحركات احتجاجية ودعوات شعبية الى تغييرها بحكومة أخرى وبالتالي دعم موقف الأطراف التي تدعو الى إقالتها.. الحل بيد الحكومة وأمام هذه الحالة لم يبق للحكومة خيارات كثيرة إذا ما رغبت في مواصلة البقاء غير اتخاذ إجراءات أخرى مرافقة للتخفيف من حدة هذه الإجراءات المؤلمة. ولن يكون ذلك متاحا إلا بالتحلي بالجرأة والشجاعة لمحاربة مظاهر أخرى عديدة مثل الاقتصاد الموازي والتهريب والتهرب الجبائي ومزيد التحكم في الأسعار من خلال الضرب على أيادي المحتكرين والمضاربين وترشيد النفقات العمومية ( خاصة في مجال المحروقات) وترشيد التوريد والتشجيع على الطاقات البديلة لامتصاص ارتفاع أسعار النفط في العالم فضلا على ضرورة تحسين الخدمات العمومية في مجالات الصحة والتعليم والنقل والبنية التحتية والنظافة. كما أن الحكومة مدعوة الى مزيد التفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي يقف وراء هذه الإجراءات الموجعة وذلك لدفعه نحو مزيد تفهم الحالة التونسية وما أصبح يعيشه المواطن من ضغوطات لن تتركه يصمت في قادم الأيام إذا ما تواصل وضعه المالي والاجتماعي على ما هو عليه الآن .. مخاطر اقتصادية واجتماعية الى جانب المس من المقدرة الشرائية للمواطن، ستكون ارتدادات مثل هذه القرارات وخيمة على الوضعية الاقتصادية والمالية للبلاد. فنوايا الاستثمار ستتراجع لدى المؤسسات (نظرا الى ارتفاع تكاليف القروض) والاستهلاك لدى الأفراد سيتراجع (نظرا الى ارتفاع الأسعار). وهو ما سيتسبب في حالة ركود للسوق ويقل الإقبال على المنتوجات وتتزايد صعوبات المؤسسات المنتجة مما سيدفعها حتما الى التقليص من الانتدابات وربما الى تسريح جانب من الشغالين. وهو ما سيفاقم وضعية البطالة ويتسبب في تزايد المخاطر الأخرى المرتبطة بها ( الهجرة غير الشرعية – الإجرام – الانحراف..).