بعد ثماني سنوات من اخر مجالس بلدية منتخبة ( ماي 2010) بدأ تنصيب المجالس الجديدة في بعض الولايات في انتظار استكمال تنصيب كل المجالس الباقية هذا الأسبوع. تونس الشروق: خلال الحملة الانتخابية تنافست في كل المناطق البلدية مئات القائمات البلدية بين قائمات حزبية وأخرى مستقلة وعلى مدى الحملة الانتخابية ورغم الوعود بما فيها مجانية " الويفي " وتوفير مواطن الشغل بل حتى تحرير فلسطين ! نعم هناك من وعد بالعمل على تحرير فلسطين انطلاقا من مدينته إذا فازت قائمته رغم كل هذه الوعود الغريبة أحيانا والبعيدة عن طبيعة العمل البلدي كانت الثقافة هي الغائب الأبرز ! احتقار العمل الثقافي من معضلات الحياة الثقافية منذ سنوات احتقار المجالس البلدية للثقافة إلا بعض الحالات التي تعد على أصابع اليد مثل بلدية تونس التي لها تقاليد عريقة في دعم الثقافة ولها مؤسسات ثقافية مثل المسرح البلدي وفرقة مدينة تونس للتمثيل ومتحف خير الدين ورواق يحي الى جانب الفضاءات التي فوتت فيها أو لها اشراف مزدوج مع وزارة الثقافة مثل المركز الثقافي بئر الأحجار ودار الجمعيات السليمانية ودار الجمعيات العاشورية وبلدية تونس لها أيضا جائزة للفنون التشكيلية اندثرت للاسف وجائزة أدبية تحمل اسم علي بلهوان زعيم الشباب التي اندثرت كذلك ! ومن البلديات التي تدعم العمل الثقافي نذكر بلدية صفاقس وبلدية سوسة أما بلدية قابس فلا نجد لها أي دعم للثقافة وحتى الجائزة التي أحدثتها للعمل الثقافي منتصف التسعينات اعدمت في حين نجد بلديات محدودة الامكانيات والموارد الا انها تدعم العمل الثقافي مثل بلدية دوز التي تدعم منذ 1985 فرقة بلدية دوز للتمثيل ومكنتها من فضاء دار المسرح والفنون ودعمت نشر بعض الكتب عن تاريخ المدينة وتراثها . أما بلدية مدنين فقد تخلٌت عن قاعة السينما الوحيدة في المدينة ومنذ أكثر من عشرين عاما أغلقت القاعة أبوابها في الوقت الذي كان من الممكن استثمارها في النشاط الثقافي مسرحا وسينما وحتى رواق الفنون التشكيلية وقاعة المحاضرات . لا شيء تغيّر في أوٌل انتخابات بعد ما يعرف ب" الثورة " كنٌا نعتقد أن الوعود الانتخابية ستأخذ فيها الثقافة حيزا مهما لكن لا شيء تغير تقريبا مع بعض الاستثناءات القليلة جدا في أريانة إذ وعدت أحدى القائمات بتأسيس فرقة للمسرح والموسيقى كما وعدت قائمة أخرى في ولاية بنزرت بالاهتمام بالثقافة وقائمة في ولاية بن عروس وعدت بالاهتمام بالأثار وأمثلة اخرى قليلة لا تجلب الانتباه قياسا بالحجم الجملي للوعود . ان الثقافة أساسا شأن بلدي وهي في صلب اهتمام البلديات لكن ما عشناه في تونس هو العكس تماما وما لاحظناه في الحملة الانتخابية بشكل عام لم يختلف عن السياقات القديمة فالبلدية مازالت في تصور أغلب السياسيين للأسف مجرٌد جهاز لمنح رخص البناء وجمع " الزبلة " وجمع اداءات " الزبلة والخروبة " والأن بعد أن تم انتخاب المجالس البلدية في معظم الجهات والمدن ما الذي سيتغير خاصة أن هناك حضورا قويا لحركة النهضة في بلديات كبرى مثل تونسوصفاقسوقابس وهي المعروفة بغياب مشروعها الثقافي ان لم تكن معادية أصلا لكل ما هو ثقافي وفني !