فيما تؤكد أرقام المعهد الوطني للإحصاء أن مليوني تونسي يعدون فقراء، تتضارب الأرقام بين الحكومة و الاتحاد العام التونسي للشغل في علاقة بما هي عليه وضعية الاقتصاد الوطني...وفي الأثناء يبدو أن الأوضاع ستتعقد أكثر في المستقبل بالنسبة للطبقات الفقيرة... تونس (الشروق) هو يوم عالمي آخر للتنديد بمسؤولية الحكومات في تزايد أعداد الفقراء عبر العالم ذلك الذي تحييه الانسانية اليوم في وقت تعيش فيه تونس على وقع مفارقات عجيبة سببها التضارب الصريح بين أرقام معهد الإحصاء الوطني و وزارة الشؤون الاجتماعية من جهة و تلك التي تصرح بها من حين الى آخر رئاسة الحكومة و الاتحاد العام التونسي للشغل من جهة أخرى. ففي حين تؤكد أرقام المعهد التي تعود الى سنة 2017 أن عدد الفقراء هم في حدود 1,7 مليون فقير فيما تعدى عدد الفقراء ما تحت خط الفقر 300 ألف، تروج وزارة الشؤون الاجتماعية لأرقام مغايرة تماما. و حسب المصدرين تفاقم عدد الفقراء في تونس في فترتي حكم الترويكا و حكومات التكنوقراط في حين فشلت حكومتا الحبيب الصيد ويوسف الشاهد في تغيير مسار هذه الأرقام.وفي المقابل أفرز واقع ما بعد الثورة نماذج اجتماعية باتت تبحث عن الربح السريع عبر الرشوة واستعمال الحيل و الخزعبلات في قطاعات حساسة تمس من هيبة الدولة كالديوانة و الداخلية و الصحافة و العدل. و في حين بلغت نسبة الفقر في تونس الكبرى 5.3 % والفقر المدقع 0.3 % فقد سجلت منطقة الشمال الغربي أعلى نسبة للفقر في تونس ب28.4 % والفقر المدقع ب6.4 %. المأزق في ظل تضارب الأرقام و تناقضات المعطيات، أظهرت دراسة اجتماعية ميدانية أعدها مؤخرا مركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية بالتعاون مع الجامعة التونسية أن " رقعة الفقر توسعت خلال السنوات الأربع الماضية بنسبة 30 بالمائة بعد أن تآكلت الشرائح السفلى من الطبقة الوسطى. وفقدت موقعها الاجتماعي لتتدحرج إلى فئة الفقراء نتيجة التحولات الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية في ظل نسق تصاعدي مشط لارتفاع الأسعار مقابل سياسة تأجير شبه جامدة مما أدى إلى بروز "ظاهرة الفقراء الجدد" بعد أن تدهورت المقدرة الشرائية لتلك الشرائح بشكل حاد". مأزق حقيقي أدى في السابق و سيؤدي دائما حتما الى حالات من العنف المتبادل بين الدولة والشعب. هذا العنف تحول الى أداة للدفاع من جهة على المتمعشين من الأوضاع السياسة المتردية من طرف قوات أمنية هي بالأساس من أبناء الشعب المعدم وللتعبير عن غضب نفس هذا الشعب من السياسات الارتجالية التي أدت الى ضرب التوازن الاجتماعي الهش الذي كان عليه المجتمع التونسي في فترة الحكم السابق. و حسب جل خبراء علم الاجتماع فقد نتيجة لهذا الخبط العشوائي المجتمع التونسي آخر علامات استقراره بالقضاء على ما يسمى بالطبقة الوسطى ليتحول ذات المجتمع في تشكل طبقي جديد الى أثرياء و فقراء. وعود اليمين و اليسار مازال التونسيون يتذكرون وعود قيادات حركة النهضة و هي تروج لحلم الأربعين ألف مسكن و مازالت طبقات هذا الشعب الذي انخرط في الثورة بوجدانه قبل عقله تتذكر دموع رئيس الجمهورية الحالي و هو يتحدث الى تلك المرأة الفقيرة. و هي تسرد حكايتها مع اللحم فلا سكن تحقق و لا لحم استطعمه لسان تلك السيدة المكافحة. وفي المقابل يرى التونسيون الفقراء يوميا بملء العين كيف تحول نواب شعبهم الى أثرياءوكيف استثرى ثوار الأمس و كيف تحول الحلم الى علبة حليب يتصدق بها "عطار" الحي. أرقام و دلالات 1,7 مليون فقير 300 ألف تحت خط الفقر