يبدو أن نسبة الفقر في تونس مازالت مبهمة حتى بعد سقوط نظام بن علي ويعود ذلك للاختلاف الواضح في تعريف الفقر وفي عملية إحصاء النسبة الحقيقية لهاته الآفة العالمية التي تضاعفت بسبب جشع الحكام والشركات الكبيرة ومتعددة الجنسيات التي اتخذت من الرأسمالية المتوحشة وسيلة اقتصادية لتفقير الشعوب ونهب ثرواتها. وفي تونس كان لشعبنا موعد مع الفقر في ظل الدكتاتور وزبانيته فعمليات السرقة المنظمة التي قام بها النظام السابق ساهمت وبشكل كبير في تزايد أعداد الفقراء والمحرومين إلا أن معاهد الإحصاء المسيطر عليها من جماعة بن علي لم تتجرأ على إعطاء النسب الحقيقية للفقر وذلك للتغطية على الأوضاع المزرية التي كان يعيشها الشعب التونسي وللأسف فإن هذا التخبط قد تواصل بعد الثورة لذلك نجد اختلافا واضحا في إحصائيات نسبة الفقر في تونس ففي حين تقول وزارة الشؤون الاجتماعية أن نسبة الفقر هي 24.7 بالمائة يدعي المعهد الوطني للإحصاء أن الفقر يقدره ب11.5 بالمائة. ومن المعلوم أن منظمة الأممالمتحدة قد عرفت الفقير بأنه كل شخص يقل دخله عن دولار في اليوم غير البنك الدولي قد عرف الدول منخفضة الدخل أي الفقيرة بأنها تلك الدول التي ينخفض فيها دخل الفرد عن 600 دولار سنويا إضافة إلى أن برنامج الإنماء للأمم المتحدة يضيف معايير أخرى تعبر مباشرة عن مستويات رفاهية الإنسان ونوعية الحياة. ومن المؤكد أن هذه المعايير المختلفة هي وراء الضبابية في تحديد نسبة الفقر فالمعهد الوطني للإحصاء يقسم الفقر في تونس حسب تصنيفات البنك الدولي إلى فقر مدقع ونسبتهم 3.5 بالمائة أضف إليهم 700 ألف ممن ينتمون إلى الفقر والخصاصة لتكون النسبة 11.5 بالمائة أي قرابة مليون وربع من الفقراء. من جهة أخرى فإن تضارب النسب يعطي الأحقية لدى كافة التونسيين بأن يكون لهم معاهد إحصاء موحدة ومستقلة ومعترف بها تقوم بعمليات الإحصاء في مختلف المواضيع بعيدة عن الضغوطات السياسية الداخلية والخارجية لتكون النسب صحيحة وغير متلاعب بها.