ما نشرته يوم الاثنين المنقضي (1 جويلية 2018) الجديدة البريطانية «الغارديان» the Guardian حول ضلوع جهات بريطانية عن طريق صندوق تنقص موارده الشفافية والقانونية في «تبييض» اجراءات الحكومة التونسية الحالية في عيون الرأي العام التونسي وخاصة منه الشباب يعدّ فضيحة بكل المقاييس... فقد أوردت الصحيفة البريطانية خبرا مطولا بخصوص لجوء جهات بريطانية رسمية (حكومية) الى «تشغيل» شركة إعلانات معروفة تعمل في مجال الاتصال السياسي من أجل «دعم اصلاحات الحكومة التونسية الحالية من تلك الاصلاحات التي يطالب بها تونس، صندوق النقد الدولي»! النواب البريطانيون (وليس النواب التونسيون) هم الذين أثاروا القضية على صفحات جريدة «الغارديان» لأن في الأمر رائحة فساد وانعدام للشفافية وغياب المحاسبة. النائب العمالي وعضو لجنة التنمية، تورد الصحيفة البريطانية، انتقد الحكومة البريطانية عن «تمويلها حملة علاقات عامة بأموال الدولة البريطانية، لا من أجل حلّ المشكل الاجتماعي في تونس بل من أجل دعم سلطة وحكومة»، تناور من أجل إرضاء شروط صندوق النقد الدولي وتبرير الزيادات التي تقدّمها حكومة الشاهد على أنها اصلاحات كبرى للاقتصاد... هكذا يقع التداول في شأن بلادنا فتُكشف الأسرار والصفقات والنوايا والشعب التونسي لا يعلم بحيثيات هذه المؤامرة الصفقة، الا من خلال ما كشفته الصحافة البريطانية... هذه الطامة الكبرى أن يقع التداول والبيع والشراء في شأن تونس دون تمحيص ولا تدقيق ولا شفافية من المفترض أن الهيئات الدستورية والمجتمع المدني والسلطة التشريعية كلها مجتمعة تكون قد قامت بدورها الرقابي والضاغط على الحكومة من أجل كشف الحقيقة للشعب. حقيقة تونس بحاجة الى وطنيين لا الى سماسرة يقايضون بقاءهم في الحكم والسلطة بحملة مغشوشة وبتبييض لأعمالهم التي نراها ترضي الدوائر الدولية والمؤسسات المالية العالمية التي هي في الأصل ذراع طولى لقوى الهيمنة والاستعمار منها بريطانيا ونراهم (أهل السلطة في تونس) لا يعيرون اهتماما ولا عناية بمن وضعهم على الكراسي عبر صندوق الانتخابات. هل يُعقل أن تختار حكومات بلادي أسلوب تواصل مع الشعب فيه دعاية وفيه غياب للصراحة وللحقيقة وللشفافية، من أجل أن تبقى في السلطة... وما حاجة هؤلاء الى سلطة بلا موافقة الشعب؟ منذ عشرة أيام، حلّ بيننا في تونس رئيس الوزراء الفرنسي السابق «دومينيك دوفيلبان» Dominique De villepin فوجدنا الرجل لم يتغيّر من حيث فكره ومواقفه، فأعاد على مسامع الحاضرين، أن تونس التي تعجّ بالكفاءات وبالمبدعين، لقادرة على تخطّي هذه الأزمة السياسية والاقتصادية بوسائلها الخاصة والفعّالة، وأن لا صندوق النقد الدولي ولا البنك العالمي ولا نظام الديمقراطية الليبرالية La démocratie libérale هي «أقدار محتّمة عليكم» ودعا التونسيين السياسيين الى انتهاج أسلوب تونسي «يجعلكم في تواصل دائم مع الشعب الذي وحده يختاركم... ووحده الضامن لسيادة البلاد». لم يأت بالحكمة السيد «دوفيلبان» ولكنّها كانت إشارة وتذكير بما ينادي به التونسي: تونس بحاجة الى وطنيين... لكسب ودّ الناخبين المواطنين... لا الى سماسرة، يتاجرون من أجل الكرسي حتى مع الأعداء...