أخطأت سامية عبو دون الوزير ولو عينّ موظفا فاسدا، وأخطأت حتى لو كان الوزير نفسه فاسدا. ما وقع مؤخرا في مجلس نواب الشعب بين النائب سامية عبو ووزير التربية حاتم بن سالم فصل آخر من مسرحية هزلية لم تعد تضحكنا ولا تستهوينا ولا تقدم لنا أي إضافة، هي فصل آخر من الشعبوية واستعراض عضلة اللسان على حساب الأخلاق والقيم والمبادئ. ننطلق من بديهتين أولاهما أن لعبو كامل الحق في كشف الحقائق لاسيما إذا كانت مدعومة بالأدلة بل تكون خائنة لمن انتخبها وللوطن كله إن غضت الطرف ولازمت الصمت، وثانيتهما أن الوزير سواء أكان بن سالم أو غيره ليس فوق المساءلة ولا فوق الشبهة ولا فوق التهمة وإن حافظ في كل الأحوال على براءته كاملة حتى تثبت إدانته قضائيا. المشكلة تطرح في الأسلوب وليس المضمون ذلك أن عبو (أو غيرها) تقدر على توجيه ملاحظاتها واتهاماتها لهذا الوزير أو غيره بعبارات موزونة وخطاب رصين بعيدا عن السب وهتك الأعراض والمس من شرف محدثها حتى لو افترضنا جدلا أنه لا يستحق الاحترام. مبرر هذا الرأي أن السياسي الذي ينزل إلى حد الاسفاف لا يسيء إلى خصمه فحسب بل إلى حزبه والمجموعة التي اختارته دون بقية المرشحين. الأدهى أننا بصدد القضاء على كل ذي صلة بهيبة الدولة لأن إهانة الوزير الفلاني أو الفلتاني تتعدى شخصه إلى صفته ومنها إلى الدولة كلها وبهذا نمر من تشليك الوزير (أو أي مسؤول مهما كانت مكانته) إلى «تشليك» الوزارات ومنها إلى «تشليك» الدولة. نجد لشعبوية مجلس النواب تفسيرا لا يعني التبرير فالبعض من نوابنا يحاول الولوج إلى دائرة الضوء الإعلامي بالضجيج والحال أنه يستطيع أن يجلب الاحترام لنفسه وحزبه ودولته بالشجاعة في كشف الحقائق والرصانة في الخطاب والأخلاق في الكلام. «أيها الوزير لقد عينت موظفا ذا شبهة وهذه الوثائق تثبت صحة كلامي» الرأي عندنا أن مثل هذه الخطاب المتزن ينفع سامية عبو وحزبها والمشهد السياسي أكثر من صياحها وسبابها وتطاولها على من هب ودب، أما إذا كانت تصر على العكس فحينها... «يوفى الكلام».