مع اقتراب موعد افتتاح السنة القضائية، بات المحامون ومن ورائهم الهياكل المهنية التي وقع انتخابها في جوان الماضي يأملون ان تجد بعض المشاكل المتراكمة في قطاعهم طريقها الى التسوية، خاصة إن رئيس الجمهورية قد أقرّ اصلاحات هامة لاقت ارتياحا واسعا. وفي هذا السياق يتحدث الاستاذ عبد الستار بن موسى عميد المحامين عن مجمل المشاكل والتطلعات. *ما هي ابرز القضايا التي ناقشها المؤتمر الثامن والاربعون للاتحاد الدولي للمحامين المنعقد مؤخرا بجينيف؟ لقد كانت اشغال المؤتمر الثامن والاربعين للاتحاد الدولي للمحامين ثرية ومتنوّعة، حيث شهدت مشاركة زهاء 700 محام من مختلف ارجاء المعمورة وعالجت اللجان المنبثقة عن هذا المؤتمر العديد من المسائل القانونية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وشارك الوفد التونسي بصورة فاعلة وجادة، حيث ساهم في تقديم لائحة تنديد بالممارسات البشعة ضد المعتقلين في سجون قوانتانامو وأبو غريب، كما قدّم الوفد التونسي تقريرا مميزا حول المعاملات اللاانسانية التي يتعرض اليها الاسرى الفلسطينيون. * بعد انتخابكم في هذا المؤتمر نائب رئيس وطني للاتحاد الدولي للمحامين، ما الذي يمكن ان تقدّمه لقطاع المحاماة بتونس من خلال هذا الموقع الجديد؟ ان هذه الخطة الجديدة لها أهمية كبرى، حيث ستمكننا من احكام المشاركة التونسية في مختلف التظاهرات الدولية والمساهمة في صياغة القرارات التي يصدرها الاتحاد الدولي للمحامين. علما أنه قد دعاني رئيس الاتحاد الدولي الى تشكيل لجنة وطنية من المحامين التونسيين المنخرطين في الاتحاد الدولي، حيث ستكون ثمرة عملها مفيدة اثناء مشاركتي في اجتماعات مجلس الرئاسة التي ستتناول مختلف الملفات القانونية والمهنية للمحامين في كل الاقطار. *علمنا بأنكم قد اجريتم العديد من اللقاءات وابرمتم العديد من الاتفاقيات مع نظرائكم في بعض الدول، فما تأثير ذلك على اشعاع المحاماة التونسية دوليا؟ بالفعل، لقد اجريت لقاءات مع العديد من المحامين والعمداء بمختلف البلدان العربية والافريقية والاوروبية والامريكية. كما التقى الوفد التونسي مع عميد جينيف وتم الاتفاق على ابرام اتفاقية توأمة وحصلنا ايضا على العديد من الوثائق الهامة الخاصة بكيفية تنظيم مهنة المحاماة والقوانين ا لاساسية واخلاقيات المهنة. كما اسفر لقائي مع المسؤولين بالاتحاد الدولي عن تنظيم يوم تكويني بتونس خلال السنة القضائية القادمة وكذلك تنظيم ملتقى علمي خلال السنة القضائية اللاحقة. *بعد انتهاء اشغال المؤتمر الثامن والاربعين للاتحاد الدولي للمحامين، تحوّلتم الى كندا وقمتم بتربص في معهد تكوين المحامين، ما هي الفائدة العلمية التي يمكن ان تحصل لعميد قضى اكثر من 25 سنة في ممارسة مهنة المحاماة؟ لقد شاركت في تربص للمحامين بمعهدي المحاماة بكندا وهو عبارة عن جملة من الدروس النظرية والتطبيقية المتعلقة بالاجراءات وتكوين الملفات ومنهجية العمل بالنسبة للاستشارة والتحرير والمرافعة وخاصة الالتزام باخلاقيات المهنة. كما حرصت على عقد لقاءات مع عميدي الكيباك ومونريال. *من المتوقع أن تنطلق السنة القضائية الجديدة خلال الايام القليلة القادمة، فما هي مجمل الملفات التي تتطلعون الى تسويتها؟ ان المحاماة التونسية تعاني من عدّة مشاكل تراكمت عبر السنوات الماضية، ولعل ابرزها اغراق المهنة وعدم توحيد المدخل لممارستها ولعلّ الاحصائيات المسجلة في هذا السياق تعكس حجم الاغراق الذي تعانيه المحاماة التونسية، حيث قفز العدد سنة 1998 من 2380 محاميا الى 4305 محام خلال شهر ماي من سنة 2004 . ومع كثرة الوافدين، تقلص مجال التدخل بشكل لافت سواء بالنسبة للاستشارة أو بالنسبة للتمثيل امام المحاكم او تحرير العقود والقوانين الاساسية. فأصبحت مثلا النزاعات الاستحقاقية التي يكون فيها المحامي وجوبيا منعدمة تماما لان مرجع النظر هي المحكمة العقارية، وأضف الى ذلك النزاعات الجبائية وعدم الزام الشركات التجارية قانونا بانتداب محام مستشار على غرار مراقب الحسابات. كما ان المحامين مازالوا الى الآن يفتقدون الى التأمين الصحي ويعانون من المنافسة غير المشروعة ومن ظروف العمل الصعبة والمنهكة. وقد لاقت هذه المشاكل اهتماما خاصا من لدن سيادة رئيس الجمهورية الذي أعلن مشكورا من أعلى منبر يوم 7 نوفمبر 2002 عن قرارات هامة لاصلاح مهنة المحاماة تتعلق ببعث معهد أعلى للمحاماة وتأمين الرعاية الصحية للمحامين على غرار بقية الفئات الاجتماعية وحماية المهنة من المتطفلين وتوسيع مجال تدخل المحامي في العديد من المجالات، وهي قرارات رحب بها المحامون ولاقت ارتياحا لديهم ولدى هياكل المهنة. واننا بمناسبة افتتاح السنة القضائية الجديدة نتطلع الى آن تجد هذه القرارات الهامة طريقها الى التنفيذ، خاصة ان اصلاح اوضاع المهنة أصبح ضرورة ملحة لا تستوجب مزيد الانتظار. واعتقد جازما، بأن الحوار البناء والمسؤول هو خير طريق الى انجاز كل هذه الاصلاحات استجابة لتطلعات المحامين وتدعيما لمنظومة العدالة وخدمة لمصلحة الوطن. وان القرار الرئاسي القاضي بتأجيل النظر في مشروع تنقيح مجلة التأمين وادراج باب يتعلق باجراءات التأمين على حوادث المرور، ليندرج في اطار ما نؤمن به من حوار بنّاء بين جميع الاطراف. حيث لاقى ارتياحا واسعا لدى المحامين وهياكلهم. ونأمل ان تقع اعادة صياغة مشروع هذا القانون وتمكين هياكل المهنة من ابداء الرأي فيه وفي بقية المشاريع التي لها صلة بمهنة المحاماة.