الكتاب يمكّنك من السفر حتى إن لم يُتح لك فرصة الذهاب في إجازة. وهو يساعدك على التمتّع أكثر باجازتك إن ذهبت في اجازة. لذلك رأينا أن نقترح عليك كل يوم كتابا حتى يكون للمطالعة، التي تبقى أهم نشاط انساني، في صيفك نصيب. كتب مؤرخو بورقيبة صراعه مع صالح بن يوسف كما شاء السيد الرئيس. ولكن الوعي الوطني كفيل بمراجعة التاريخ على أسس موضوعية، في هذا الاطار تندرج كتابة الدكتور المنصف الشابي عن الزعيم المغتال (الطبعة الرابعة، دار نقوش عربية، تونس 2017 في 239 ص). وهذه فقرة من الخاتمة تلخّص كل شيء «السلطات الفرنسية، على سبيل المثال، وقفت إلى جانب المكتب السياسي للحزب الحرّ الدستوري الجديد (بورقيبة) ضدّ الأمانة العامة (بن يوسف) وكان يهمّها أن ينتصر الخطّ الذي أبدى استعداده لضمان أقصى ما يمكن من مصالحها في تونس. كانت تحاول إظهار صالح بن يوسف في مظهر المتطرّف. وعندما لاحظت أن ذلك الوجه لا يزيده إلا شعبية حاولت قلب الصورة لذرّ الرماد في الأعين...» (ص188). وهذه فقرة من رسالة صالح بن يوسف من القاهرة إلى الطاهر بن عمّار والمنجي سليم تذكّر وفد التفاوض بباريس بالمطالب المحدّدة في برقيات سابقة: «أوّلا عودة جميع اللاجئين التونسيين بليبيا إلى تونس على أن تسلّم لهم وثائق براءة من قبيل تلك التي سلّمت للفلاقة. ثانيا اطلاق سراح جميع الوطنيين الذين مازالوا في غياهب السجون التونسية وتمكين الموقوفين من السراح الوقتي وتوقيف تنفيذ الأحكام الصادرة على المحكوم عليهم. ثالثا إصدار العفو على إخواننا المحكوم عليهم بالاعدام غيابيا، وهم السادة يوسف الرويسي عضو الديوان السياسي ومندوبنا في الشرق الأوسط العربي والطيب سليم مندوبنا في دلهي الجديدة ورشيد إدريس مندوبنا في الباكستان، وكذلك إبراهيم طوبال مندوبنا بالقاهرة، وأخيرا رفيقنا حسين التريكي» (ص231 232). وبين سياسة المراحل وبين الاستقلال كاملا وتاما خطوة واحدة، يراها بورقيبة إلى الامام، ويراها بن يوسف إلى الوراء.