في حرارة الطقس يتفق الفقير والغني على أن البحر والاصطياف هما الملاذ لتغيير الأجواء. لكن يبدو أن التجاوزات التي يعرفها عدد من الشواطئ التونسية تكاد تحرم فئة كبيرة من التونسيين من حقهم في «البحر». تونس (الشروق) شهدت منطقة غار الملح منذ أيام وقفات احتجاجية من سكانها الذين حرموا من البحر بعد أن سيطر عليه المظلات والقطاع الخاص. والواضح أن التذمر من التجاوزات التي يعرفها عدد من الشواطئ التونسية لا سيما المتاخمة لتونس الكبرى وجهات الشمال الشرقي، قد حرمت العائلات من البحر وحولته إلى «احتكار» بيد من يكترون البحر ويتحكمون فيه على حساب حق المواطن في الملك العمومي البحري. حقوق مهضومة جولة في الشارع التونسي كشفت معاناة التونسي مع «الخلاعة» ومع الاصطياف. وتحدث المواطنون مع "الشروق" على مجموعة من الانتهاكات منها المطالبة بأسعار للكرسي والمظلة «الباراسول» تصل إلى 30 و40 دينارا وأكثر... إضافة إلى المطالبة بالاستهلاك. ووصف بلال (موظف) ما يحدث كلما توجه إلى الشاطئ بسيطرة «العصابات» و»الباربوات». فالبحر يتحول إلى ملكية خاصة، معتبرا أن «الزوالي» لم يعد له نصيب في شواطئ بلاده، وأن البقاء في المنزل أرحم من العبث به واستنزاف أمواله في الشاطئ. مواطنة أخرى عبرت عن استيائها من الاستغلال المفرط ممن وصفتهم ب»سماسرة» و»عصابات» الشواطئ. وقالت «الشفاعة من الخلاعة. فأينما ذهبت هناك كلمة هات.. وكأن البحر ليس لكل التونسيين.. هناك شواطئ خاصة ونزل لمن يمتلك النقود لكن أين حقنا في بحرنا ؟». وتحدث التونسيون عما يعانونه خلال التوجه الى الشواطئ من غلاء مشط في أسعار مآوى السيارات،والاستحواذ على الشواطئ وتسويغها بمقابل فاحش، واستغلال الملك العمومي البحري ليجد المصطافون أنفسهم في مواجهة «المتاجرين» ب»الخلاعة»، الذين اغتصبوا حقهم في «الخلاعة». تجاوزات بالجملة وخلال حديث مع رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك سليم سعد الله أكد وجود تجاوزات بالجملة في الشواطئ.وقد بلغ عدد من المستهلكين تذمراتهم للمنظمة. وقال إن النقطة الأولى تتمثل في السيطرة على الشواطئ ممن يكترون هذه المساحات من البلديات وأحيانا يتجاوزون المساحات المخصصة للكراء. كما أن هناك تلاعبا بثمن الكراسي والطاولة المكتراة لتصل إلى 50 دينارا. وهو ما يحرم التونسي المتوسط من حقه في البحر ومن أمسية من الترفيه دون إزعاج. كما لاحظ وجود شواطئ يستغلها السماسرة ويكترونها. ويتجاوزون في عملية التطبيق المساحة التي اكتروها أو التسعيرةالمتفق عليها. ومنهم من يقوم بكراء الكرسي بأسعار مشطة ب 10 دنانير و»الباراسول» ب 20 دينارا. ومن جهته انتقد الأستاذ أكرم باروني نائب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك وجود هذه التجاوزات، داعيا السلط الرسمية إلى التصدي لمن وصفهم ب»العصابات» و»الباربوات» التي تتحكم في الشواطئ. وتساءل عن أسباب المطالبة بثمن الدخول إلى الشاطئ في بعض المناطق وحتى ثمن المرور من المنطقة دون التوقف، ملاحظا تسيبا كبيرا واعتداء على القوانين. ولاحظ أن هناك خروقات كبرى للقوانين على حساب المواطن البسيط الذي يضطر الى دفع معلوم السيارة المارة ومعاليم البقاء في الشاطئ ومعلوم الكراسي والطاولة بأثمان كبرى، دون ترك مساحة للتونسي الذي يريد حقه في الملك العمومي البحري، وغير محتاج الى خدمات الكراسي والطاولة. وشدد على أن هناك نصا قانونيا واضحا يؤكد على حق التونسي في الشواطئ البحرية و على «الملك العمومي البحري» الذي لا يباع ولا يشترى. ويبدو أن المخالفات المتعلقة بالشواطئ ليست جديدة في صيف هذا العام. فحسب تقرير دائرة المحاسبات حول الملك العمومي البحري خلال الفترة الممتدّة بين سنوات 2010 و2015، تتكرر المخالفات التي تحاول استغلال موسم الصيف والحرارة في البحر.وكانت تلك الفترة قد شهدت بالخصوص اعتداءات على الملك العمومي البحري تتعلق بأشغال البناء. وتعلّقت أغلب المخالفات"بالبناء بالصلب والتمركز العشوائي والتعدّي على الكثبان الرملية علاوة على عدم التقيّدبمقتضيات تراخيص الإشغال الوقتي"، وحسب التقرير هناك ضعف في نسبة إزالة المخالفات التي لم تتجاوز 25 %. ويبدو من خلال عدد من الخبراء أن الفوائد التي تعود الى الدولة من عمليات الكراء والتسويغ محدودة. كما أنه يجب مراجعة حدود الملك العمومي البحري التي توقّفت عند مرحلة التحديد الوقتي ولم يتمّ استكمالها منذ 2002. كما أن علامات الملك العمومي البحري قد اندثرت من أماكن عديدة. القانون موجود - تضمن القانون عدد73 لسنة 1995 المؤرخ في 24جويلية 1995 نصوصا تتعلق بالملك العمومي البحري . - الأمر عدد 1847 لسنة 2014 المؤرخ في 20ماي2014 والمتعلق بالاشغال الوقتي للملك العمومي البحري. -قانون عدد23 لسنة 2008 مؤرخ في أول أفريل 2008 يتعلق بنظام اللزمات حيث أكد المشرع بالقانون عدد 73 وبالتحديد بالفصل 21 أن الاستعمال العام للملك العمومي البحري حر ومتساو ومجاني. وينحصر في الاستعمال الجاري به وذلك حسب العادة والعرف مع احترام راحة الغير والمحافظة على الصحة والسلامة والنظام العام وحماية المحيط كما جاء بالفصل 19 من نفس القانون «الملك العمومي البحري غير قابل للعقلة والرهن. ولا يمكن التفويت فيه ولا اكتسابه بالتقادم من طرف الغير .