ودّع جمهور مهرجان قرطاج الدولي مساء الجمعة الماضي آخر حفل في برنامج الدورة 54 من المهرجان أحياه الفنان محمد علي كمون ضمن رحلة موسيقية-غنائية اطلق عليها اسم « عطور « ، و ضمت تقريبا ابرز التعبيرات الفنية التونسية من شمال البلاد الى جنوبها. تونس الشروق: : حمل الفنان محمد علي كمون بعرضه «24 عطرا»، في اختتام الدورة 54 لمهرجان قرطاج الدولي، الجمهور التونسي في رحلة موسيقية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، تعبق بتراث مختلف جهات البلاد . محمد علي كمون في عرضه «24 عطرا» قدم تونس في صورة إمرأةتعطرت بعطور الحضارات التي تعاقبت عليها وتركت من ضمن ما تركت، عبق الموسيقى، أي الجمال والمتعة، فكانت تونس الأندلسية وكانت تونس العربية وكانت تونس الإفريقية، وكانت تونس في الأربعة وعشرين عطرا، عبارة عن لوحة فسيفسائية قسم فيها كمون البلاد إلى ست جهات كبرى، وأعاد تجميعها في فسيفساء فنية تونسية عطرها أركستراليا بافتتاحياته وتوزيعه الموسيقي الرائع. رحلة ممتعة الرحلة التي أخذ فيها محمد علي كمون، والمجموعة الموسيقية الكبيرة المرافقة له، بقيادة زميله محمد بوسلامة، كانت كالحلم، واستهلها بعبق العطور الأندلسية، والمالوف بتوزيع فيه من الديناميكية الشيء الكثير، وفيه استمتع الجمهور بصوت الفنان سفيان الزايدي، ومن العطور الأندلسية إلى عطور الأطلس الشاوي ومن «سيكافينيريا» فاحت عطور الشريط الحدودي التونسي الجزائري والشمال الغربي مرورا بقفصة والقصرين، ليجد الجمهور نفسه في حضرة العطور البدوية يستعذب افتتاحية نفطة ويتنسم رحيق الصحراء من دوز إلى تطاوين فلا يلبث أن يمر بالجزر التونسية فيحط الرحال بجربة ومدنين ثم قرقنة، إلى أن تأتي الماشطة فلا يفهم سر العطور المتشابهة في الحضرة النسائية، والتي ألبسها كمون حلة تليق ب»أم الزين الجمالية»، ليكون مسك ختام «العطور» مالوف الجد من دار شعبان إلى القيروان تستنشق العيساوية وتتخمر مع التخميرة والحضرة قبل أن يفاجئك صاحب «العطور» مغنيا وراقصا على موسيقى تونس الإفريقية موسيقى اسطمبالي. عرض عالمي ليلة أول أمس بمهرجان قرطاج الدولي كانت ليلة عطرة من ألف ليلة وليلة، كل تونسي مهما كانت الجهة القادم منها، وجد تراثه وقد تحلى بأجمل موسيقى، وهو ما أكده الفنان محمد الجبالي الذي حضر العرض بأكمله ولم يبارح مكانه طيلة أكثر من ساعتين ونصف من الزمن، مضيفا: «من يقول إن ما قدمه محمد علي كمون، هو اشتغال كغيره على التراث، لا يفهم البتة في الموسيقى، والعرض ممتع إلى درجة كبيرة وفيه أغان لم نسمعها من قبل وأخرى نعرفها وسمعناها بتوزيع جديد أكثر من رائع، مع المحافظة على روحها ولحنها الأصلي، وشخصيا اكتشفت محمد علي موزعا رائعا وعالميا.» كما اعتبر محمد الجبالي أن التوزيع الذي وصفه بالرائع يقشعر الأبدان في عدد من الأغاني، مشددا على ضرورة أن لا يقتصر هذا العرض على بعض الافتتاحات والاختتامات، وذهب أبعد من ذلك حين طالب كمواطن وكفنان تونسي، بضرورة تمثيل هذا العرض لتونس في المحافل الدولية، لأنه عرض راق وعلى درجة عالية موسيقيا تنفيذا وتوزيعا وتونسي صرف على حد تعبيره. وعلى غرر محمد الجبالي عبر عديد الموسيقيين عن اعجابهم الكبير بما قدم موسيقيا في «عطور» محمد علي كمون، وحتى من خارج تونس، حضرت الفنانة السورية لينا شاماميان العرض كاملا، ودخلت الكواليس إثر العرض لتهنئ محمد علي كمون على العرض الجميل الذي قدمه، معبرة عن انبهارها ب»عطور»، ومعبرة عن رغبتها في التعامل موسيقيا مع صاحب العرض.