أقصى فوزي البنزرتي من قائمته الفرجاني ساسي وأيمن المثلوثي وهما من العناصر ذات التأثير الكبير في صفوف «النّسور» خاصّة بعد الامتيازات والصَلاحيات التي منحها لهما المدرب المُستقيل نبيل معلول. إبعاد ساسي و»البلبولي» يُعدّ في نظر الكثيرين حدثا «مُزلزلا» وهجوما كَاسحا من البنزرتي على بعض «النجوم» الذين يتوهّم بعضهم أن أسماءهم «الرنّانة» تكفي لضمان مقعد دائم في المنتخب وهو ما نَفاه البنزرتي على أرض الواقع مؤكدا للجميع أنّ البقاء سيكون للأجدر والأنفع لا للأقدم والأشهر. قرار جريء القرار القَاضي بوضع «البلبولي» والفرجاني خارج الحسابات كان جريئا ولم يخل من الدَلالات الرَمزية. والحقيقة أنّه لم يكن من الهيّن الإقدام على مثل هذه الخطوة الشُجاعة بالنظر إلى «نجومية» الفرجاني وشعبية «البلبولي» علاوة على المكانة التي يحتلّها هذا الثنائي المشارك في الكأس العالمية والمُتواجد في دائرة «الكَوارجية» المَعنيين بقيادة عناصرنا الوطنية (حسب الترتيب التفاضلي والقائم على مقاييس موضوعية مثل الأقدمية وقوة الشخصية والمهارة الفنية وشروط أخرى غير مفهومة ابتدعها معلول في تجربته الأخيرة مع المنتخب). ويعرف الناس من بنزرت إلى بن قردان «الحَصانة» التي كان يتمتّع بها الفرجاني و»البلبولي» في ورقة معلول حتى أنّ الرجل بادر بترسيم ساسي في قائماته ومنحه علاوة على ذلك شارة القيادة عندما غاب «أصحابها الأصليون». أمّا «البلبولي» الذي عوّضه البنزرتي مؤخرا بالشاب الصّاعد غيث اليفرني فإن معلول تحدّى من أجله العالم حتّى أنه أقام التربّصات لترميم معنويات «الكَابتن» وتمسّك بتشريكه وتكريمه في المباراة المونديالية الخِتامية ضدّ المغمورة «بَنما». وهو ما لم يفعله حتى الشتالي الذي راهن في مونديال 78 على النايلي وحَكم على «عتّوقة» - وما أدراك - بالجلوس على بنك الاحتياط بفعل «البطالة» الكُروية وعدم الجاهزية البدنية وهما الشرط الذي أسقط الفرجاني والمثلوثي من غِربال البنزرتي. أسباب فنية بَحتة حَاول البعض أن يُوهموا أنفسهم قبل الآخرين بأن البنزرتي استغلّ فرصة تدريب المنتخب ل»يَنتقم» من الفرجاني على خَلفية صراعهما القَديم في «باب سويقة». وقد برز للعيان أن هذه القراءة ضعيفة ولا أساس لها من الصّحة بدليل تَوجيه الدعوة لفخرالدين بن يوسف الذي كان قد عاش نفس «الصِّدام» مع البنزرتي داخل مركب المرحوم حسّان بلخوجة. البنزرتي قال في العلن إن «مُحترفنا» في الزمالك غير جاهز من الناحيتين الفنية والبدنية ليظفر بمكان في المنتخب وقد وقع تداول التفسيرات ذاتها في كواليس «النسور» حيث تشير مصادرنا إلى أن الإطار الفني غير مُقتنع بالمردودية العامّة للفرجاني في خط الوسط وهو منطقة استراتيجية تحتاج إلى عناصر تتمتّع ب»فُورمة» كبيرة ونجاعة قياسية دفاعا وهجوما. وفي السياق ذاته يعتقد الكثيرون أنّ فوزي «فَاهم اللّعبة» ويعرف جيّدا أن أسلوب الفرجاني «مِزيان» لكنّه ليس بالفاعلية التي يصوّرها البعض وهذا وما كان البنزرتي قد اكتشفه في محطّته السابقة مع الترجي عندما فضح المستوى الحقيقي لساسي عبر البيانات الاحصائية في الوقت الذي وفّر له معلول «الحِماية» في المنتخب قائلا في سرّه: «إن ابن المنستير لا يَفقه شيئا في الكرة». بين الفرجاني و«تشافي» و«اينيستا» في تصريح «مَجنون» لنبيل معلول قال المدرب السابق ل «النسور» إن الفرجاني نجح ذات لقاء دولي في تمرير 133 كرة وهو ما يعني أنه بلغ «المستوى العالي»: أي أنه أصبح يقف في نفس الخط مع الأسماء العالمية مثل «تشافي» و»اينيستا». هذا الخطاب التَضخيمي والباعث على الضّحك كان أحد أسباب ضياعنا في كأس العالم ولاشك في أن هذا الإطراء «أفسد» أيضا موهبة وسلوك الفرجاني الذي لم نر منه في رحلة روسيا غير ذلك الوجه الشاحب والتصرف المُشين تجاه الإعلام ومعهما شرف التواجد في قائمة «اللاّعبين الأكثر وسامة» في المونديال الروسي. «حَرب» البنزرتي على «النُجومية» مؤشر جيّد ومن شأنه أن يفيد المنتخب حيث الأولوية للأداء لا للأسماء ولكن هذه «الحَرب» الشُجاعة على «الرؤوس الكبيرة» لا تُعفي البنزرتي من سؤال حارق يتعلّق ب»سرّ» دعوة الشاب اليفرني دون سِواه لتعويض «البلبولي» اللاعب في الفترة الحالية على عدّة حبال والأمل كلّه أن لا يخسر الجمل بما حمل.