من أين جاء هذا «الكُبّي» ياربي. لماذا لم يعد هناك طرب في هذا البلد. لماذا لم يعد للحن الشجي مكان في هذا البلد. لماذا يخرس الناي والعود والكمان والدفّ والقانون. لماذا تخرس الحناجر عن مناجاة القلوب وملامسة البواطن. هل هو عقم في هذه السنوات السبع العجاف. أم ثورة البندير التي استعادت للدروشة سلطتها على الساحة «نوبة» و«حضرة» و«زيارة» في كل مكان فيه مهرجان أو زردة وفي كل مذياع وتلفزة. هل أدركت مافيا الثقافة أن التونسي حيثما كان «بندر لو يشطح» تدويرا للحزام وهزّا وحطّا للبدن وخضّا للرأس الفارغ إلى حد طأطأته نهائيا وتسليم أمره ل«البنادري» عند الاغماء فهبّت له بمعدل بندير لكل حاضر في الحضرة ونائب في النوبة وزائر في الزيارة وكانون للتسخين وآخر للتبخير برعاية بوسعيد الباجي وبلحسن الشاذلي المساند الرسمي لكل ذي علّة في عقله ووعيه وذوقه أي لكل درويش يرتاح ويتخلص من وعيه بقرع البندير وحشرجة خيطيه وشقشقة الطار ومناداة الأولياء الصالحين للحضور من قبورهم معهم للبركة وقضاء الغايات والشؤون العامة كل ما أدريه أن الحزن والنزوح الحاء من الحضرة والزاء من الزيارة والنون من النوبة. حزن على ما نحن فيه ونزوح إلى حيث لا ندري بين قبور الأولياء الصالحين إن كانوا صالحين. ذاك هو المسلك السياحي الثقافي المفتوح اليوم في شكل أوتوروت للعودة إلى الوراء. وها نحن اليوم في محطة استخلاص بلحسن الشاذلي ولكلنا هوية واحدة. الاسم: تونسي واللقب: درويش