من يسلك طريق الارتجال لن يَجني سوى الدّموع والأوجاع وهذا حال منتخبات الشبّان التي بدأت تَغرق الواحد تلو الآخر وسط صَدمة المحبين وتفرّج المسؤولين المُؤتمنين على التحليق ب»النسور الصّغار» في سماء الإبداع لا «اغتيال» أحلامهم القارية والدُولية بدم بارد كما تَفعل الآن جامعة وديع الجريء. وبعد السّقوط المُدوّي لمنتخبي الأواسط والأصاغر على يد الجزائر والمغرب أصبحت الآمال مَعقودة على الأولمبيين المُهدّدين بدورهم بالانهيار ما لم يقع تصحيح المَسار في أقرب الآجال. فوارق كبيرة لاشكّ في أن كلّ من تابع المُواجهة الودية المُكرّرة لفريق الخطوي أمام المغرب الشَقيق وقف على حجم الفوارق المَهارية والتَكتيكية بين الفريقين. فقد انتصر علينا الأشقاء في اللّقاء الأوّل وكانوا قاب قوسين أوأدنى من تلقين أبناء شكري الخطوي درسا ثانيا في أصول كرة القدم لو لم يخطف الشتيوي هدف التعادل في الوقت القاتل ويحفظ بذلك ماء الوجه خاصّة أن شبّان المَملكة المَغربية انتزعوا منّا بالأمس تأشيرة الترّشح ل»كان» الأصاغر. ورغم طَابعه الودي فإنّ لقاء الأشقاء في زويتن أثبت أن الهُوّة واسعة بين المُنتخبين حيث أظهر ضيفنا استعدادات دفاعية وهجومية جيّدة وقام بجُمل كروية مُمتعة تعكس حتما اللّمسة الفنية لسليل الكرة الهولندية «مَارك فوت» الذي تمّ التعاقد معه استنادا إلى تجربته الثرية مع الجمعيات وفي فروع الشبّان. ومن الواضح أن الرّجل وظّف خبراته الواسعة في المجال لبناء منتخب واعد يرتكز على خليط من اللاعبين المحليين و»المُحترفين» في عدّة بطولات أوروبية (مثل إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وهولندا وألمانيا). فوضى عارمة على عكس المغرب التي اجتهد مسؤولوها لوضع المدرّب المُناسب في المكان المُناسب راهنت جامعتنا على عدد من الأسماء «المُفلسة» والإطارات «المُبتدئة». فكانت النتيجة «كَارثية» في صِنفي الأواسط والأصاغر المُنسحبين من التصفيات الافريقية على يد محمود باشا وعماد المهذبي وصلاح السبتي ووجدي بوعزي. وقد يلتحق الفريق الأولمبي بركب الفَاشلين ما لم يُراجع مدرّبه شكري الخطوي حِساباته وينصرف مساعده أنيس البوسعايدي إلى العمل بدل الانشغال بالظهور في وسائل الإعلام لعجزه عن نزع جُبّة المُحلّل الفني. ومن المُلاحظ أن حالة الضّياع التي تعيشها منتخبات الشبان لا تعود إلى ضُعف المدربين فحسب بل أنها نَاجمة أيضا عن الفوضى العَارمة في البرمجة وهي من مشمولات الجامعة وإدارتها الفنية التي أصبح مَصير قائدها يوسف الزواوي «مجهولا» إلى حين انعقاد اجتماع المكتب الجامعي الذي سيعلن عن جملة من القرارات المُتعلّقة بمستقبل الزواوي ومنتخبات الشبّان. والأمل كلّه أن تكون هذه الاجراءات مدروسة وليست «حَربوشة» جديدة لطمس الحقيقة المُرّة وهي الفشل الذريع للجامعة وإدارتها الفنية في النهوض بأشبال تونس.