علاقتنا بالحكومة تندرج في سياق «المساندة النقدية» , رئيس الجمهورية رمز يجب أن لا يُقحم في التجاذبات السياسية , نتقاطع مع النهضة ونختلف معها ..أهم ما قاله رئيس كتلة الائتلاف الوطني مصطفي بن أحمد ل«الشروق». تونس -الشروق -سرحان الشيخاوي عن العلاقة مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد , و رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي , والموقف من اتحاد الشغل .. تحدّث رئيس كتلة «الائتلاف الوطني» مصطفى بن أحمد «للشروق» في الحوار التالي : بعد أن اعلنتم خلال جلستكم التأسيسية عن احتواء كتلة «الائتلاف الوطني» لأكثر من ثلاثين نائبا , صرّح بعض النواب بأن العدد مرشّح للارتفاع , ما مدى دقّة هذه التصريحات ؟ هناك اعلان لنوايا انضمام الى هذه الكتلة , والنواب الذين اعلنوا رغبتهم في الالتحاق ينتمون الى نفس عائلتنا السياسية. مرحبا بكل من يرغب في الانضمام لنا, لكن عمليّا واجرائيا لا يمكن ان نعلن عن انضمام أي نائب الا بعد ان اتباع الإجراءات القانونية المتعلقة بالالتحاق بالكتلة. هل تخوضون نقاشات مع عدد من النواب لتعزيز صفوفكم ؟ نحن نناقش كل النواب حول تقييم الوضع العام في تونس , وليس على مبدأ الانضمام الى الكتلة ,مشروعنا مبني على الشراكة وليس على الاستقطاب , وكل من يرى انه معنيّ بموضوع إعادة التوحيد ودفع المسار الديمقراطي , الباب مفتوح له للانضمام. هل حدّدتم تموقعكم في المشهد البرلماني بشكل دقيق , أم أن الامر لم يُناقش بشكل حاسم الى الآن ؟ نحن لسنا سليلي المعارضة , بقينا في الفضاء الحكومي حتى بعد الاستقالة. ترشحنا على قائمات نداء تونس وننتمي لبرنامجه , وحتى النواب المشكلون لهذه الكتلة , من خارج النداء , وهم خاصة نواب الاتحاد الوطني الحر وآفاق تونس , ينتمون الى هذا الفضاء. علاقتنا بالمسار الحكومي يقوم على المساندة النقدية , فنحن نساند الحكومة , لكن هذا لا يمكن ان يمنعنا من مناقشة عملها , ورفض ما لا يتماشى مع رؤيتنا. لكن يجب التأكيد على اننا نختلف عن المعارضة لأننا ننقد من زاوية إصلاحية. واجهت كتلتكم منذ اعلان تأسيسها انتقادات لاذعة, وذهب البعض الى القول بأنها تساند يوسف الشاهد ولا تساند الحكومة .. كيف تردّون عن هذه الانتقادات ؟ هذا الطرح يمكن اعتباره نظرة ضيّقة جدا , وترويج مقصود لتقزيم الكتلة. الحكومة تتشكل من عدد كبير من الوزراء وكتّاب الدولة من مختلف الأحزاب , ولا يمكن أن تُحسب الحكومة على شخص واحد. من اتهمونا بهذا , لم يثبتوا تهمتهم , ولذلك يمكن اعتبارها حكما على النوايا.نحن ندعم الاستقرار السياسي , وما يُقال يعتبر من باب المزايدات الفارغة. اذا شكّل يوسف الشاهد حزبا , هل ستكون كتلكم ذراعه التشريعي , أو أنكم ستفتحون نقاشا معه حول آليات التقارب أو لن تكون بينكم أي روابط ؟ تشكيل حزب سياسي , امر يخص يوسف الشاهد , ومسار تشكيل الأحزاب ينبني على أسس وعلى ضرورة سياسية وديناميكية واسعة. نحن في سياق مسار سياسي كامل , ونحن نتاج لهذا المسار , وهو إعادة تشكيل الحركة الوسطية . هذا الامر ليس مسجل على شخص معين أو خاتم في اصبع أي شخص , ويقد يكون يوسف الشاهد في هذا المسار أو خارجه. المشروع الوسطي الديمقراطي , حقق التوازن السياسي , لكن تم تدميره بالدخول في صراعات شخصية و مصالح ضيقة. اليوم نحن استعدنا المبادرة , ويوسف الشاهد يمكن ان يكون معنا او لا , هذا لا يمثل مشكلا , واذا تقاطعنا مع الشاهد وكان هذا التقاطع لفتح فضاء أوسع فمرحبا به. ما هي تقديراتك , هل ستواصل الحكومة الحالية , أم سيقع تغييرها؟ الاشكل هو ,باي الية تستمر أو باي آلية تتغيّر .اعتقد انه لا يجب ان تحصل قطيعة في الحكومة الآن , ولا يمكن ان ننصّب حكومة أخرى تتحمل تبعات هذه الحكومة. هناك أزمات واشكالات يجب البحث عن حلول لها ,ثم نناقش مصير الحكومة , ولا يمكن تغيير الحكومة ونحن نقوم بهذه المهام ويضاف الى هذا سؤال حول كيفية تغيير الحكومة ,وهي مسألة لا تخضع للمزاجية وتصفية الحسابات السياسية , ومن يريد ان يغير الحكومة عليه اتباع الإجراءات القانونية المعروفة , وان يتدرّب على تطبيق الدستور . تغيّرات كبرى طرأت على المشهد البرلماني , هل تعتقد أنها ستساهم في حلحلة ما بقي عالقا فيه , أم أن حالة الانسداد ستتعمق ؟ الاجتماع وتفادي حالة الشتات , وتجميع النواب يمكن ان يساهم في تركيز مناخ افضل ويعطي جدوى اكبر للعمل البرلماني. باعتبارك كنت نائبا في نداء تونس سابقا , ومطّلعا عمّا يحدث داخله , هل تعتقد أن هذا الحزب قادر على تدارك أخطائه وتجاوز أزمته ؟ النداء فوّت كل الفرص للتدارك , والآن ليست هناك مؤشرات تغيير داخله , هذا الحزب تعرض لانتكاسات كبرى تسببت في إشكالات طالت البلاد . في خضم التحولات السياسية الأخيرة , والغياب الواضح لرئاسة الجمهورية , هل تعتقد أن رئاسة الجمهورية فقدت زمام المبادرة السياسية بعد ان كانت مصدرها الوحيد ؟ رئاسة الجمهورية لها دور محوري , لها رمزية كبرى ويجب احترمها وعدم اقحامها في التجاذبات السياسية فهي وجه الدولة, ورئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي, شخصية كاريزماتية, ولها تأثير إيجابي في العديد من المراحل , وجنّبت تونس العديد من العواصف التي هبّت على دول مجاورة. رئيس الجمهورية ساعد على الخروج من مطبات كبرى ونعترف له بهذا الانجاز التاريخي , وهو أيضا صاحب فكرة احياء الحركة الوسطية بعمقها الوطني وصهرها بمكونات وافرازات الثورة ,وهي فكرة عظيمة , ويجب التأكيد أيضا على أن كل الشعوب محتاجة للرمزية , وهو رمز لا يجب حصره واقحامه في الصراعات الحزبية والفئوية.يجب تحكيمه في هذه الخلافات وعدم اقحامه فيها. يقترب موقفكم من الحكومة من موقف حركة النهضة , فهل ستكونون حليفها الجديد ؟ ليس بغريب ان يتقاطع موقفنا مع موقف حركة النهضة , وهذا امر طبيعي , لكن ان ترتقي علاقتنا الى «التحالف» فهذا من باب المبالغة المقصودة , التي يعمد البعض ترويجها. يمكن ان نلتقي مع حركة النهضة في بعض الجزئيات , لكننا اختلفنا معها في المساندة مقابل عدم الترشح. وهنا يجب التأكيد على ان تحديد الموقف السياسي انطلاقا من موقف النهضة اما مساندة أو معارضة , أمر خاطئ , لكن لا يجب الايغال في النفاق ,فالكل تقاطع مع النهضة في فترة معينة. حين ننتمي الى شعب واحد والى تيارات سياسية مختلفة .ونتعاطى مع النهضة سياسيا وليس عقائديا, ليست لنا عُقد من حركة النهضة. ماهو تقييمك لموقف اتحاد الشغل في علاقة بالحكومة ومصيرها ؟ هناك من يريد الانقلاب على الاتحاد ودوره السياسي , وهم أناس نسوا ان الاتحاد جنّب البلاد ازمة في فترة ما. دور الاتحاد إيجابي و له مؤاخذات على الحكومة وهذا امر طبيعي , وشخصيّا اتبنى مواقفه المتعلقة بالقطاع العام وضرورة المحافظة عليه , إضافة الى الدفاع عن الفئات الهشة , لكن يجب على الاتحاد ان يواجه السياسات وليس الأشخاص. رمزية الاتحاد وتاريخه يدفع الى ضرورة النأي عن التفاصيل و عدم التعاطي مع الأشخاص .أما عن الاضرار العام فأتمنى ان لا يحصل , وهذا مشروط بضرورة قيام الحكومة بجهد للتعاطي مع ما يطرحه الاتحاد وفتح حوار معه. بصفتك ابن العائلة اليسارية ومطّلع على ما يحصل داخلها , ماهو تقييمك لليسار في تونس , وبما تنصحه ؟ الحركة التاريخية اليسارية واسعة, ونحن محظوظون بوجود الفكر اليساري في تونس . خلل اليسار موجود في المستوى التنظيمي .نتمنى أن تنجح الجبهة الشعبية في التأطير . اليسار يتضمن مكونات عدة من الشباب الجامعي ,الى العمّال. هذه الديناميكية نتمنى ان تنجح. , وتحقيق النتائج يعود أساس الى السياسات المتبعة , والمطلوب اليوم استيعاب المشهد اكثر , وهذا يُلقى على عاتق الجبهة الشعبية التي تقوم بخطوات إيجابية في هذا السياق. أما المتضرر الأكبر , فهو اليسار «الوسطي الذهني» , وهو يسار بقي محصورا في المجال الحقوقي وتعبيراته السياسية ضعيفة جدا. والامور العقائدية مازالت مكبلة له.