كشف الفنان المسرحي أنور الشعافي في لقاء له مع «الشروق» عن انتاجه الجديد الذي اختار أن يعود من خلاله إلى بداياته مع الفن الرابع، كما توقف عند بعض هواجسه الابداعية. كيف هي الحال؟ صحتي في تحسن والحمد لله. وعلى المستوى المسرحي؟ عدت هذه الأيام إلى مشروع عمل مسرحي كنت قد توقفت عنه لعديد الأسباب. ما هي خصوصية هذا المشروع؟ اخترت العودة إلى الموضوع الذي انطلقت منه في بداياتي مع الفن الرابع وأعني هنا «الشريط الأخير» لسامويل بيكيت وهو مشروع تخرجي سنة 1988 بالمعهد العالي للفن المسرحي. تعود إلى عمل عمره 30 سنة.. لماذا هذه العودة؟ أعتبر «الشريط الأخير» عملا معاصرا وأرى أنه صالح لكل زمان ومكان.. والطريف في هذا العمل أن مؤطري في مشروع التخرج الدكتور والفنان رضا بوقديدة سيكون بطل هذا العمل وأشرف على إخراجه. بعد 30 سنة تتغير المواقع يصبح هو على الركح والاخراج من نصيبي باستثناء جهة الانتاج وهي المسرح الوطني. الشريط الأخير.. ماذا يقدم؟ يقدم قصة شيخ يستمع إلى شريط سبق أن سجله منذ ثلاثين سنة ويعيد سماعه عديد المرات. إنه الحنين يهزّك إلى البدايات؟ ليس الأمر كذلك وهي رحلة في الجانب الانساني أكثر منه الجانب الثتاريخي ورغم أنها في الأصل مسرحية (راديوفونية) تعتمد على الصوت فقط لكني في الرؤية الاخراجية استعملت تقنية السينما في المسرح والتركيب بين الصورة السينمائية والصورة المسرحية وهي تقنية سبق أن اعتمدتها في مسرحية (ترى ما رأيت) سنة 2011. هذا العمل سنشاهده في الدورة القادمة لأيام قرطاج المسرحية؟ ليس الأمر كذلك على اعتبار ان مسرحية (الشريط الأخير) ستكون جاهزة في منتصف جانفي 2018. سيقتصر حضورك أيام قرطاج المسرحية على المتابعة فقط؟ فعلا.. على اعتبار أن أيام قرطاج المسرحية توفر فرصة متابعة أحدث الانتاجات. وأي مصير ل«شظايا»؟ شظايا تم إعدادها انطلاقا من «الشريط الأخير» لاختار في النهاية العودة الى النص الأصلي. بعد هذه المسرحية ماذا تغير في أنور الشعافي المسرحي؟ أصبحت أكثر وعيا بالواقع المسرحي التونسي الذي مارسته ميدانيا وإداريا. وكيف بدا لك هذا الواقع اليوم؟ في أتعس حالاته. من أي ناحية؟ من ناحية التشريعات التي لم تواكب التطور وهياكل الانتاج العمومي ركزت على الكمّ دون الأخذ بعين الاعتبار مسألة الكيف، والكل ينتظر منح الدعم دون إعطاء أهمية للجانب الفني حيث نلاحظ أن جل المسرحيين القدامى يكرّرون أنفسهم والجيل الجديد لم يخرج من جلباب القدامى لذا أعتبر أن أكبر مشكلة للمسرح التونسي هي معرفية فنية حيث يكاد المسرح التونسي يكون في لون واحد حيث لا نشاهد كل الأنواع المسرحية كما هو موجود في مصر، كما أعتبر أن تفوق المسرح التونسي كذبة لا بد أن نستفيق منها. لا تعترف بتفوق المسرح التونسي اليوم؟ نحن نعيش على أطلال الماضي حيث أن بعض نجاحات المسرح التونسي هنا وهناك تكون في مهرجانات غير ذات قيمة ولذلك يجب أن نقارن أنفسنا بما يحدث في المسرح العالمي. المسرح التونسي اليوم فقد توهّجه؟ لم يعد المسرح إلا التجاري منه ولكن هذا لا يعني تخلي الدولة عن المسرح النبيل. ومسرح (الوان مان شو)؟ هذه تسمية غير علمية فالأحرى أن نسمّي ما يتم تقديمه ب«Stand up»... «الوان مان شو» و«المونودراما» هي شيء آخر. لكن «الوان مان شو» برز فيه بشكل كبير لمين النهدي ولطفي العبدلي وغيرهما كثير؟ لا بدّ أن يتوحّد المسرح اليوم في هياكل منظمة مثل النقابات. بعد هذه المسيرة مع الفن الرابع... هل يمكن القول إن أنور الشعافي راض عما قدمه؟ لا يمكن أن أكون راضيا، ربما لو عشت في بلد آخر يكون فيه للمسرح قيمة لكانت مسيرة أكثر توفيقا. ندمت على اختيار الفن الرابع؟ لم أندم... كنت أختار المسرح لكن بأقل أخطاء. هذا اعتراف بأنك أخطأت؟ فعلا... أخطأت في بعض الاختيارات الفنية والادارية وفي بعض الأشخاص الذين منحتهم فرصة لم يكونوا في مستواها. تعرّضت الى الجحود؟ نعم... وفي أكثر من موقف. وما هو ردّك على هؤلاء الجاحدين؟ لا ألتفت الى الوراء. ماذا بقي في الذاكرة من تجربة إشرافك على المسرح الوطني التونسي؟ لم أكن راضيا عن تجربتي في المسرح الوطني التي أتت في ظروف صعبة فلم أتمكن من تحقيق خارطة الطريق التي جئت من أجلها.