أعلن الشاذلي بوعلاق والي تونس عن وشك انتهاء عمليات الغربلة تمهيدا لتنفيذ برنامج السكن الاجتماعي الذي ستستفيد منه ألف عائلة محدودة الدخل. تونس (الشروق) كما أكد في حوار مع «الشروق» جاهزية اللجنة الجهوية واللجان المحلية لمجابهة الكوارث لموسم الأمطار مشيرا في السياق ذاته الى حلول جذرية لتراكم مياه الأمطار منها مشروع حماية العاصمة من الفيضانات الذي تقدم بنسبة ٪90. وكشف من جهة أخرى عن عدة تدابير ردعية لإخماد المضاربة في عدة قطاعات مثل السجائر والمواد المدرسية والمواد المدعمة. الحوار الذي أتى أيضا على العلاقة المتوترة بين المعتمدين والبلديات بدأ بهذا السؤال: مع كل بداية موسم الأمطار تعود معضلة تراكم المياه وما تتسبّب فيه من لخبطة مرورية... ألا توجد حلول جذرية لهذه المعضلة؟ يجب التمييز أولا بين الأسباب الهيكلية المتعلقة بالبنية الأساسية لتصريف مياه الأمطار والأسباب الظرفية. وهي مجمل المشاكل التي يفرزها نزول الأمطار بكثافة في وقت وجيز. فالأمطار التي نزلت أمس الأول ناهزت 70 مليمترا في ظرف ساعة واحدة من الزمن. وهو ما يتجاوز طاقة استيعاب القنوات الى جانب إفرازات أخرى تعطل تدفق المياه مثل تراكم الفضلات المنزلية وفواضل البناء التي تجرفها سيول المياه. لكن لماذا لا يتم الاستعداد بصفة مسبقة للتوقّي من هذه الظواهر خاصة من خلال تكثيف الرقابة في الأحياء وعلى المحاور الرئيسية لمكافحة الإلقاء العشوائي لفواضل البناء؟ هذا في صميم أعمال اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث التي عقدت جلستين لضبط الاستعدادات لموسم الأمطار خاصة من خلال حصر المعدات والموارد البشرية اللازمة وتحيين «النقاط الزرقاء» أي الأماكن الاعتيادية لتراكم المياه وفرق التدخل الميدانية التي يعهد لها التدخل أثناء نزول الأمطار الى جانب مراكز الإيواء ومخزون المواد الغذائية والحشايا في حال حصول إشكاليات تتطلب الإيواء الظرفي للسكان. كما كثفت في الآونة الأخيرة حملات المراقبة لرفع مواد البناء وفواضل البناء الموجودة أمام المحلات السكنية والتجارية وعلى المحاور الرئيسية. لا تنسى أيضا أن عمليات "جهر" الأودية وقنوات تصريف المياه تواصلت على مدار الشهرين الأخيرين. في السياق ذاته تشكو العاصمة من محدودية شبكة تصريف مياه الأمطار. وهو ما يتسبب في ضغوطات على شبكة تصريف المياه المستعملة ومن ثمة تراكم سيول المياه على الطرقات وداخل الأحياء السكنية؟ بالفعل هناك عدة إشكاليات هيكلية تسعى الحكومة الى تجاوزها خاصة من خلال إنجاز مشروع حماية مدينة تونس من الفيضانات الذي تقدم بنحو ٪90. وسيقضي نهائيا على شكل تراكم المياه في عدة محاور هامة من العاصمة على غرار باردو وأحياء الزهور والسيجومي والحرايرية، فيما يجري تدارس الحلول الفنية اللازمة لتفادي تراكم المياه على شارع الجمهورية. نأتي الآن الى ملف السكن الاجتماعي الخصوصي. حيث تمّ الإعلان منذ سنة 2011 عن مشروع لإسكان ألف عائلة معوزة لم ير النور الى حدّ الآن. لماذا تعطل هذا البرنامج؟ هذا البرنامج قام على معطيات تجاوزتها التطورات بفعل تغيير الوضعيات الاجتماعية للمترشحين في ظرف ثماني سنوات. وهو ما فرض إعادة التدقيق في تطابق وضعيات المترشحين مع المعايير المعتمدة. وأهمها ألاّ يتجاوز الدخل ثلاث مرات الأجرى الأدنى وألا يملك المترشح مسكنا آخر... ومن هذا المنطلق تولت اللجنة المشرفة على هذا البرنامج خلال الأشهر الأخيرة إجراء التقاطعات اللازمة مع مصالح الجباية والضمان الاجتماعي والملكية العقارية بالتوازي مع إنجاز بحوث ميدانية معمّقة للحالات التي تبين أنها غير معرفة جبائيا وغير مدرجة في سجل الفقر. وأفضت الغربلة الى تحديد 8 آلاف ترشح تتوفر فيهم الشروط من إجمالي 20 ألف مطلب. ونحن الآن بصدد إجراء بحوث اجتماعية ثانية لمزيد التدقيق في وضعية الألف مترشح الذين تتوفر فيهم شروط الأولوية. ومن هذا المنطلق نتوقع تسليم المساكن الى مستحقيها قبل موفى العام علما أن المساكن الألف موزعة على كل من مدينة عمر المختار وسيدي حسين وقصر السعيد. ولاية تونس أخذت المبادرة منذ نحو عام في إعلان الحرب على مافيا السجائر.لكن الأيام الأخيرة شهدت عودة قوية للاحتكار في هذا القطاع أدت الى صعود صاروخي في الأسعار.. كيف تجابه ولاية تونس هذا الوضع؟ تجسيما لحرص الحكومة على تجفيف منابع الاحتكار في سوق السجائر نظرا الى تبعاته السيّئة على موازنات الدولة وحقوق المستهلك قامت فرق الرقابة الاقتصادية في الأشهر الأخيرة بتكثيف الرقابة في كل حلقات توزيع السجائر، وإجراء المطابقات اللازمة بين الكميات التي تعرضها وكالة التبغ الموجودة في المحلات وتبعا لذلك تمّ سحب 49 رخصة توزيع «قمرق» تبيّن أن أصحابها لا يمتلكون محلات أصلا أو يعمدون الى تصريف الحصة في المسالك السوداء. كما أن الرقابة الاقتصادية وفرق الشرطة البلدية تتولى آليا مصادرة كميات السجائر موضوع عمليات احتكارية وتمكن جهاز الرقابة الاقتصادية من مصادرة أكثر من 150 ألف علبة منذ بداية العام. في نفس الاطار شهدت الأيام الأخيرة شحّ كميات الكراس المدعم بمناسبة العودة المدرسية وظهور عدة ممارسات احتكارية مثل البيع المشروط؟ الظاهرة تراجعت بشكل ملحوظ في بداية الأسبوع الحالي وذلك عقب تكثيف دوريات المراقبة التي أفضت الى حجز قرابة 16 ألف كراس مدعم لدى المكتبات وتجار المواد المدرسية بالجملة وتحرير 32 محضرا عدليا الى جانب حجز خمسة آلاف قطعة من المواد المدرسية المختلفة بسبب عدم مطابقتها للمعايير الصحية. كان أعلن وزير التجارة مؤخرا عن التوجه الى تفعيل قرار الغلق ضد "المستكرشين" بالتعاون مع سلك الولاة... كيف تفاعلت تونس مع هذا التوجه؟ تمّ الى حد الآن غلق 39 محلا تجاريا بسبب الشطط في الأسعار أو التلاعب بالمواد المدعمة. ونحن ماضون في تفعيل عقوبة الغلق نظرا الى نجاعتها العالية في ردع المخالفات. كما تمّ في نفس الإطار تعليق التزويد بالمواد المدعمة ضد 12 تاجر جملة تورطوا في ممارسات احتكارية. نأتي الآن الى المستجدات بعد تشكيل المجالس البلدية الجديدة. حيث برز توتر في علاقة سلك المعتمدين برؤساء البلديات والدوائر البلدية يهدد اشتغال عديد المرافق العامة... كيف تعاطت ولاية تونس مع هذه التطورات؟ الأمر لا يتعلق بتوتر بقدر ما هو ناجم عن سوء فهم لبعض الأطر والتراتيب من شأنه أن ينعكس سلبا على نسق إسداء عديد الخدمات العمومية. وهو ما كان موضع مشاورات مع البلديات تقرّر على إثرها عقد جلسات تجمع المعتمدين والمشرفين على البلديات لمزيد التنسيق في مجمل المسائل المتعلقة بالعمل المحلي التي تتطلب تهاونا مثمرا بين كل الأطراف المتدخلة. لوحظ في الأشهر الأخيرة تباطؤ في إنجاز خط القطار السريع الذي سيربط ساحة برشلونة بمنطقة الزهروني من شأنه أن يؤثر على أجندا التنفيذ... هل هناك حلول في الأفق؟ تجدر الاشارة أولا الى أن كل الإشكاليات العقارية تم فضها. كما أن المقاولة العمومية «صومترا» تدخلت بثقلها مؤخرا لتسريع نسق الأشغال. وهو ما يرجح أن ينطلق إنجاز هذا الخط في النصف الأول من العام القادم وحتى إذا حصل تأخير فسيكون نسبيا علما أن هذا الخط يمثل أهم الحلول لمشاكل التنقل في العاصمة. حيث سيؤمن رحلات سريعة بوتيرة رحلة كل 7 دقائق فيما تبلغ طاقة استيعاب الرحلة الواحدة نحو 1200 مسافر.