تونس «الشروق»: مع الأحداث والأزمات التي تعيش على وقعها تونس ، يصبح للأسف من باب الترف الحديث عن مشاكل المعوقين ومنهم فاقدو السمع الذين يحيون يومهم العالمي في تجاهل تام للجهات الحكومية المعنية بمشاكلهم... وتتضارب الأرقام في علاقة بعدد الذين يعانون من فقدان السمع في تونس. فهناك بعض الجمعيات التي تقدر عددهم ب151 ألفا في حين تتحدث مؤسسة «إشارة» وهي مركز دولي مختص في البحوث حول لغات الإشارة ومقره تونس عن 40 ألف فاقد للسمع في تونس. والواضح أن سبب هذا التضارب يعود إلى عدم الاتفاق حول تحديد مفهوم واضح للأصم في بلادنا. طبيا، تعرف منظمة الصحة العالمية الأصم على أنه « الشخص الذي لا يستطيع أن يسمع بنفس جودة شخص متمتع بسمع عادي – عتبة السمع 25 ديسيبل أو أفضل في كلتا الاذنين – هو الذي يعاني من فقدان السمع. وقد يكون فقدان السمع خفيفاً أو متوسطاً أو شديداً أو عميقاً. ويُمكن أن يؤثر في أذن واحدة أو في كلتا الأذنين». وعلى بساطة هذا التعريف، فإن الجهات الحكومية ترفض الاعتراف بأعداد هامة من الذين يعانون من صعوبات في السمع ومن حرمانهم من حقوقهم الدستورية وتلك التي كفلها لهم القانون التونسي... حبر على ورق... ككل المجالات، تحكم تونس ترسانة من القوانين والأوامر والنصوص الترتيبية التي تضمن العديد من الحقوق للمعوقين. وللأسف، تظل هذه القوانين حبرا على ورق لغياب الإرادة السياسية من جهة ولقلة الإمكانيات المرصودة من الدولة من جهة أخرى. لذلك تستنجد الجمعيات والمنظمات المهتمة بشؤون المعوقين بالشارع لمطالبة الحكومة بتطبيق القانون وباحترام ما جاء في الدستور التونسي بخصوص حقوق هذه الشريحة. ففي شهر أكتوبر 2017، نظمت مجموعة من مكونات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق المعوقين وقفة احتجاجية بتونس العاصمة. طالبت فيها الحكومة باحترام الدستور وتطبيق القانون المتعلق بتشغيل ذوي الإعاقة والنقل ونشر لغة الإشارة والكتابة «براي» وتطوير تعليم المعاقين وتمكينهم من الحقوق الواردة في الاتفاقية الدولية حول ذوي الإعاقة والفصل ال48 من الدستور التونسي عامة. وندد محمد المنصوري رئيس جمعية «أبصار» خلال هذه الوقفة الاحتجاجية بسياسة الحكومة التي «لم تعط أي رد أو تفاعل حول المطالب المرفوعة اليها». ووصل الأمر الى حد مقاضاة الوزراء والمسؤولين عن عدم تطبيق القانون «عدد 41 لسنة 2016 المتعلق بالنهوض بالأشخاص ذوي الإعاقة وحمايتهم، وخاصة الفصل ال29 الذي ينص على تخصيص نسبة لا تقل عن ٪2 من الانتدابات السنوية بالوظيفة العمومية تسند بالأولوية لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة». عقدة عائلية... بعيدا عن السياسة وتقاعس الحكومة في تطبيق القانون، يكمن المشكل الأهم في إدماج الذين يعانون من فقدان السمع في العائلة نفسها. إذ يؤكد لطفي زكري المختص في التقويم الطبيعي للسمع والباحث في مركز تونس الدولي للبحوث في لغات الإشارة أن 90 بالمائة من جملة الأربعين ألف أصم في تونس هم أميون. وتعود هذه النسبة إلى العائلة التي ترفض الإقرار بإصابة طفلها بفقدان السمع. وهو ما يتسبب له بعد سن الرابعة في مشاكل في التواصل مع الآخرين وهو بالتالي ما يعمق عزلته وانطواءه. إضافة إلى ذلك، يبرز الباحث لطفي زكري دور المدرسة في تعميق مشاكل فاقدي السمع. إذ يتم تدريسهم في مدارس عادية عن طريق مدرسين يفتقدون الى الأدوات البيداغوجية والمناهج العلمية الضرورية لتكوين فاقدي السمع.