مثل اللقاء الذي جرى أمس الأول بين الشيخين والذي انفردت «الشروق» بالإعلان عنه محطة جديدة في مسار تعميق الأزمة السياسية في تونس فلم يأت بالجديد على مستوى الحلول باستثناء مزيد تعميق أزمة الدولة. تونس (الشروق) تلقت الساحة السياسية التونسية الخبر الذي نشرناه حول عقد لقاء بين كل من رئيس الجمهورية ورئيس حركة النهضة بشكل مفاجئ مساء أمس الأول بتفاؤل كبير وعلقت عليه آمالا كبيرة خاصة في علاقة بالأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد. وبالرغم من أن اللقاء كان سريا إلا أن البيانات الصادرة عن كل من حركة النهضة وحركة نداء تونس كشفت طبيعته ومحتواه حيث اكد بيان النداء ان اللقاء كان بطلب من الاستاذ راشد الغنوشي « الذي أعلم السيد رئيس الجمهورية برغبته في اللقاء والتباحث حول الوضع العام في البلاد». وأوضح بيان نداء تونس انه «تم مد السيد رئيس الجمهورية بمخرجات مجلس الشورى ليومي السبت 6 والأحد 7 أكتوبر 2018 وحيث أوضح السيد رئيس الجمهورية أنه على إطلاع تام بكل ما ورد في البيان الأخير». وعلى الرغم من ان البيان لم يصدر عن رئاسة الجمهورية الا انه عمل على توضيح طبيعة اللقاء ومكانه من الازمة الحالية وان كان قد حركها قليلا فقد جاء ما يلي «أكد السيد رئيس الجمهورية الاستاذ الباجي قائد السبسي ان قبول الزيارة يتنزل في إطار انفتاحه واستجابته لجميع أفرادالشعب التونسي دون إقصاء وان الموقف الرسمي من حركة النهضة يبقى إنهاء التوافق كما صرح به منذ خطابه الأخير بتاريخ 24 سبتمبر 2018». اذن وحسب حركة نداء تونس فان الرئيس مازال متمسكا بموقف القطيعة مع حركة النهضة وان اللقاء الاخير لم يكن لحلحلة الاوضاع ولم يتمكن من ذلك بل ان البيان اعطى للقاء بين الشيخين صفة اللقاء الشخصي وليس الرسمي. ومن جهتها اعتبرت حركة نداء تونس أن الحكومة الحالية «هي حكومة حركة النهضة وعليه فإن الحركة غير معنية بدعمها سياسيا وإن التوافق الذي تم العمل به بين السيد رئيس الجمهورية وحزب حركة نداء تونس من جهة وحركة النهضة من جهة أخرى منذ انتخابات 2014 يعتبر منتهيا». وبعيدا عن الخطأ الجسيم الذي ارتكبه نداء تونس عندما تحدث باسم رئاسة الجمهورية فان الحركة ورئيس الجمهورية ماضيان في القطيعة ولم يغير اللقاء الاخير شيئا في مواقفهما من الازمة او من الحلول التي يرونها كفيلة باصلاح الاوضاع كما يشير الى ان ما قدمه الاستاذ راشد الغنوشي لم يمثل حلا للازمة ما جعل الوضع يتواصل كما هو. ومن جانبه لم يبتعد بيان حركة النهضة عن المسار الذي تسلكه الحركة فقد تحدث عن ضرورة التمسك بالتوافق واحترام رئيس الجمهورية والتباحث حول الأزمة الاقتصادية بعيدا عن الحلول العملية خاصة للازمة السياسية في البلاد. وبعيدا عن كل ذلك علمت الشروق أنّه كانت هناك مفاوضات بين الشيخين وان نقطة الخلاف الجوهرية بينهما والتي بقيت عالقة تهم رئيس الحكومة ففي مقابل مواصلة تمسّك الأستاذ الباجي قائد السبسي بإزاحة يوسف الشاهد أعاد الأستاذ راشد الغنوشي موقف النهضة المتمسّك بالاستقرار الحكومي بما يعني رفض إقالة الشاهد أو تغييره. وذكرت مصادر مطّلعة للشروق أنّ الغنوشي أبلغ رئيس الجمهورية قرار مجلس الشورى بضرورة المحافظة على علاقة جيّدة معه باعتباره ممثلا للدولة ورئيسا لكل التونسيّين. على أنّ نفس المصادر أوضحت أنّه لا بدّ من مزيد الانتظار لمعرفة مآل العلاقة بين الرجلين خلال الأيام القليلة القادمة مبرزة أهميّة اللقاء، على الرغم من كونه جاء في سياق المجاملة ودون نتائج، باعتبار انّه إشارة مهمة لعدم انقطاع العلاقة نهائيا بينهما وإمكانية تواصلها مستقبلا في ظل ما تعرفه الساحة السياسيّة من تطورات ومستجدّات.