في خِضِمّ مَوجة الإقالات والاستقالات التي شملت الإطارات الفنية ل»كبار» الكرة التونسية تصدّر الفرنسي «برتران مارشان» لائحة المُرشحين للعمل في «باب الجديد» أو»باب سويقة» بل أن الرّجل حلّ بَيننا تمهيدا لتجربة تَدريبية جديدة في بطولتنا المَحلية. هذا قبل أن يضع الترجي ثِقته في ابن الجمعية مُعين الشعباني لخِلافة بن يحيى ولو إلى أجل قريب وأغلق الافريقي بدوره الباب في وجه «مَارشان» بعد أن انتدب اللّيلي لتعويض «ريغا» الذي غَادرنا بالورود وهو المشهد الأجمل في أسبوع الإقالات المُمتدّة من القيروان وسوسة إلى العاصمة. وهذا السّيناريو «المَجنون» يَجعلنا نَستمع إلى «مَارشان» ليضع النّقاط على الحروف بخصوص حَقيقة «الدّربي» السّاخن للظّفر بخدماته و»مَاراطون» المُفاوضات مع المسؤولين لتوجيهه نحو مركّب القبائلي أوحديقة بلخوجة قبل أن تَنقلب الأمور ويجد نفسه مُجرّد «سائح» من بين الملايين من الزوّار المُتعلّقين ببلادنا رغم كلّ ما نَزل بها من «مَصائب». البداية المَنطقية للحِوار تَطرح نقطة استفهام حول الأسباب الحَقيقية لتواجدك في تونس ولو أنّك من ضُيوفها الدائمين. فهل أن الأمر يتعلّق بجولة سِياحية أم برحلة مِهنية؟ صِلَتِي وثيقة بالبلاد التونسية خاصّة أنّني خُضت فيها أكثر من مُغامرة تدريبية عشت خلالها لحظات لا تُنسى ومن المعروف كذلك أن علاقاتي رائعة مع أغلب الوجوه الرياضية في ساحتكم الكُروية. وقد دأبت على زيارة تونس حتّى وإن لم تكن لديَّ أغراض مِهنية. أمّا بخصوص رحلتي الحالية فإن أهدافها مكشوفة للجميع بحكم أنّ القاصي والداني يعرف أنّني جِئت بطلب من مسؤولي النادي الافريقي وذلك قصد التفاوض بصفة مُباشرة أملا في التوصّل إلى اتّفاقات رسمية تُعيدني لتدريب الفريق الذي تجمعني بأبنائه علاقة مُميّزة. قُدومك إلى تونس قد يُعتبر من المُؤشرات القوية على أنّك كنت الأقرب لتدريب النادي الافريقي فكيف تفسّر سُقوط الصّفقة في الماء؟ عندما تَلقيتُ اتّصالات مباشرة من مسؤولي النادي الافريقي بقيادة السيّد عبد السلام اليونسي لَبّيت الدّعوة وتحوّلت بصفة فَورية إلى تونس خاصّة أنّه لم يكن يُساورني أدنى شكّ حول جِدية العَرض المُقدّم من الجمعية. لكن بعد وُصولي حَدثت أشياء غريبة ولم أقدر شخصيا على تَفسيرها. ذلك أن المَواقف انقلبت بطريقة فُجئية واكتشفت أن المُفاوضات افتقرت إلى الاحترافية والجِدية. وقد تمّ إعلامي بأنّ المَهمّة أسندت إلى زميل آخر. ورغم تحفّظاتي على الطّريقة التي أدار بها المُسيّرون عَملية المُحادثات فإنّه لا يَسعني إلاّ أن أتمنّى التَوفيق للمدرّب الجديد للنادي الافريقي الذي تربطي به علاقة ثابتة ولا يُمكنها أن تَتأثر أبدا بمثل هذه القرارات الخاضعة لعدّة اعتبارات وحِسابات. ألم تَدفع ضَريبة علاقاتك المَهزوزة مع جهات مُعيّنة في «باب الجديد»؟ هذا الأمر غير صَحيح ويمكنني أن أستعرض في هذا السياق جملة من الدلائل والبراهين التي تُثبت أن علاقتي بعائلة النادي الافريقي جيّدة. اللاّعبون مثلا وهم العنصر الأساس في عمل المُدربين بادروا بمُهاتفتي بعد انتهاء العلاقة التَعاقدية مع الجمعية. وينسحب الأمر نفسه على علاقتي بكافّة المسؤولين والمُدعمين الأفارقة على رأسهم السيد حمادي بوصبيع ولن أنسى كذلك الرئيس السابق للجمعية كمال إيدير الذي أعتبره من خِيرة المُسيّرين في تونس. كيف تنظر إلى مُستقبل الجمعية في ظلّ التَحويرات الفنية الأخيرة؟ من الواضح أن النادي الافريقي يُواجه عدّة صُعوبات على المستويين الفني والمَالي ومع ذلك فإنّ الأمل قائم في قَلب الأوضاع قياسا بتقاليد النادي في مُجابهة الظروف الصّعبة ولاشك في أن سيناريو الموسم الفارط في البَال. بالتوازي مع عرض الافريقي الذي كنت على وشك تدريبه للمرّة الثالثة في مَسيرتك الرياضية ظهر اسمك في كَواليس الفريق الجار. فهل تُؤكد أم تَنفي خَبر الاتّصال بك من طرف الترجي؟ قد يكون اسمي تَردّد في الكَواليس والثّابت أنّني لم أتلق أيّ عَرض رسمي من الترجي الرياضي في الفترة الأخيرة. لقد كان الاتّصال الوحيد من مسؤولي النادي الافريقي الذي عَبّر عن رغبته في تكرار التجربة مع شخصي لكن الصّفقة لم تر النّور للأسباب المذكورة آنفا. من مُنطلق مَعارفك الواسعة بالأندية التونسية والكرة الافريقية التي تزّعمتها في 2007 مع النّجم السّاحلي أيّة حُظوظ للترجي في رابطة الأبطال؟ رَغم الصّعوبات التي عاشها الترجي الرياضي في الفترة الأخيرة خاصّة بعد التغيير الحاصل على مستوى الإطار الفني فإن الجمعية تَبقى من المراهنين الجديين على المسابقة القارية. وقد لاحظت أن الترجي الرياضي أظهر إصرارا كبيرا على الذهاب بعيدا في السباق القاري وقد بلغت الجمعية المربّع الذهبي وتبدو حُظوظها وافرة للتأهل إلى «الفينال» رغم تحفّظ البعض على المستوى العام للفريق. والحَقيقة أم مسيرة الترجي تجعلني أستحضر مُغامرتي القارية مع النّجم السّاحلي حيث فُزنا آنذاك برابطة الافريقية على حساب الأهلي رغم الهزّات التي عِشناها بين الحين والآخر بل أن الكثيرين لم يتصوّرا أنّنا سننتزع اللّقب في مصر بالذات خاصّة بعد التَعادل بالأصفار في مُواجهة الذّهاب. (0 / 0 في تونس و3 مُقابل 1 للنّجم في مصر). من الواضح أن تجربتك في بوجعفر غَالية على قلبك، أليس كذلك؟ نَعم تَحتلّ مسيرتي التدريبية مع النجم الساحلي مكانة خاصّة في قلبي. ذلك أنّنا تَسيّدنا القارة الافريقية وعانقنا العالمية وعِشنا لحظات استثنائية وفترات تاريخية بكلّ المقاييس. ومن المُستحيل نسيان الأداء البطولي ل «الكَوارجية» والمساندة الجماهيرية الرائعة علاوة على حِنكة الرئيس معز إدريس الذي كان فِعلا من الاستثناءات في ميدان التسيير الرياضي مِثله مِثل السيّد كمال إيدير في النادي الافريقي. تَحدّثت عن الافريقي والترجي والنّجم فماذا عن الضِّلع الرّابع في «نادي الكِبار» والكَلام طبعا عن «السي .آس .آس»؟ أعتقد أن النادي الصّفاقسي أنجز المطلوب في سباق البطولة كما أنّه أظهر إلى حدّ اللّحظة استعدادات جيّدة ومن الملاحظ أنّه بصدد بناء فريق واعد ويعكس حَجم الطّموحات التي تراود جماهيره العريضة. تَجربتك مع «النّسور» كانت عَابرة ومع ذلك فإنّها تَمنحك «الشَرعية» اللاّزمة للإدلاء بدلوك في ملف المنتخب. فكيف تَنظر إلى واقع عناصرنا الدُولية بقيادة فوزي البنزرتي؟ لقد عاد المنتخب الوطني التونسي إلى أجواء المُونديال بعد غِياب طويل (منذ 2006) وهذا المكسب مُهمّ قياسا بالظّروف الصّعبة التي عاشتها الساحة الكروية على امتداد السنوات الأخيرة. وبعيدا عن التغييرات الفنية التي شهدها الفريق لاحظت أنّ يوسف المساكني كان حَاسما وفَاعلا في الترشّح إلى الكأس العالمية وأعتقد شخصيا أنّه يبقى من العناصر التي لا استغناء عنها في التشكيلة التونسية. وأدرك أنّ المنتخب يَضمّ في صفوفه عدّة أقدام أخرى تَتمتّع بمؤهلات جيّدة مثل وهبي الخزري وبسّام الصرارفي ونعيم السليتي لكن المساكني يظلّ الأفضل ولاشك في أن الفريق يملك حَيّزا من الوقت لتحسين مردوديته حتّى تكون مُشاركته ناجحة في «الكان» المُنتظرة في الكامرون عام 2019. في الأخير نُجدّد التّرحيب بك في تونس كمدرّب أوكسائح ونفسح لك المَجال لتضع نقطة الخِتام.. فماذا تقول «كُوتش»؟ أوجّهُ تحيّة تقدير إلى كافّة الجماهير الرياضية والشّخصيات الكُروية التي تربطني بها علاقات رائعة وأتمنّى الازدهار للّعبة في بلادكم التي تَزخر بالمواهب شرط العِناية بها وتكوينها على أسس سليمة.