وفية كعادتها لتونس... أحيت جمعية الصداقة التونسيةالفلسطينية يوم السبت الماضي العيد الواحد والتسعين بعد المائة لميلاد العلم التونسي المفدى في نسخته الحالية. تونس (الشروق) احتفال شاركت فيه كل الشخصيات السياسية من كافة الفصائل الفلسطينية الناشطة في غزة الصمود والمقاومة التي شاركت الجالية التونسية المقيمة في فلسطين اعتزازها بالانتماء إلى وطن يوحدها ويستمد رموزه من دماء الشهداء والاعتزاز بالانتماء للوطن العربي الكبير بقومياته المختلفة ودياناته المتعددة. هكذا تحدث لي الاستاذ حاتم الشواء رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية التي نظمت هذا الحفل البهيج رغم قلة الإمكانيات وتدهور الأوضاع الأمنية في غزة الباسلة. والحقيقة ان الاستاذ حاتم الشواء يحمل تونس كما يحمل فلسطين في قلبه ووجدانه. يضاعف الجهد لمساعدة أفراد جاليتنا المقيمة في فلسطين بما أتى من جهد وطاقة. ويوما بعد يوم، يزداد تقديرنا لهذا الرجل الفذ إذ ربما ننسى نحن هنا أعيادنا الوطنية، اما هووهن وهم هناك في فلسطين لهم قدرة عجيبة على عدم النسيان. حكاية علم... من الفخر ان يعلم التونسيون ان علمهم هو الأقدم في المنطقة العربية. علم تعود نشأته كما جاء في موقع الى معركة "نافارين"، البحرية، التي نشبت في 20 اكتوبر 1827، بين الأسطول العثماني التابع للدولة "العليّة"، التي كانت تمثّل قوة عظمى في ذلك العصر، وبين أساطيل الدول الحليفة الثلاث، بريطانيا، وفرنسا وروسيا، الداعمة لاستقلال اليونان، عن العثمانيين. وقد أسفرت هذه المعركة الضخمة، التي نشبت في خليج "نافارين"، عن انهزام العثمانيين وتحطيم الأسطول البحري، الذي كان مدعوما آنذاك بالأسطولين المصري والجزائري. إضافة إلى الأساطيل العثمانية، والجزائرية، والمصرية، حطمت كذلك الأساطيل البحرية التونسية، ممّا دفع بالباي حسين باي الثاني، (1824_1835)، ثامن الحكام في عهد الدولة الحسينية، التي حكمت تونس من 1705إلى 1957 آنذاك إلى إنشاء علم خاص يُميّز الإمارة التونسية ويقع استخدامه من قبل الأسطول البحري التونسي. وحتى يتجنّب غضب السلطة العثمانية، استوحى الباي التونسي حسين باي الثاني، العلم، من نظيره العثماني، ذي اللون الأحمر القاني والهلال والنجمة في وسطه، غير أنّ العلم التونسي، أُضيفت له دائرة بيضاء اللون تحيط بالنجم والهلال، وقد بقي ظهوره محتشما في السنوات الأولى لإنجازه. وفي عام 1831م، صُمّم العلم وأضفى عليه، أحمد بن مصطفى، (عاشر البايات الحسينيين)، طابعا رسميا سنة 1837م، حين تقلّد زمام الحكم، فبادر إلى توزيعه على كافة أفواج العسكر التونسي، وتم رفعه على جلّ الإدارات والمراكز العمومية، والحكومية، والبواخر التجارية والحربية. حسين باي الثاني، (ثامن بايات تونس، في العهد الحسيني)، وقد حكم الولاية التونسية، ويعتبر حسين باي، صاحب الفضل في إنشاء العلم التونسي، الذي يرفرف عاليا منذ 190 عاما. ولم ينج العلم التونسي، من محاولات التغيير والتعديل، كخطوة لطمس الهوية، وخلال الاستعمار الفرنسي، الذي دخل البلاد سنة 1881 تحت راية الحماية، قامت السلطات الفرنسية، بدمج العلم الفرنسي، مع التونسي، فظهر علم فرنسا، في أعلى يسار العلم التونسي غير ان هذا العلم لم يقع فعلا الاعتراف به أواستخدامه رسميا، وقد ظهرت صورته للمرّة الأولى، منذ 17 سنة، على غلاف العدد 159، من المجلة الفرنسية، "Flag Bulletin"، الذي نشر في خريف سنة 2000، لتكشف عن محاولات فرنسا اعتماد نسخة جديدة غير رسمية، في بداية القرن العشرين. ولا يُمكن الحديث عن العلم التونسي، دون الحديث عن رمزية اللون الأحمر، الذي يعبّر عن دماء شهداء سقطوا في الملاحم والمعارك، دفاعا عن الوطن. ولكن الأرجح أنّ اللون الأحمر امتداد وانتماء وولاء للدولة العثمانية التي كانت مهيمنة على العالم، أمّا اللون الأبيض، فهوعنوان للسلام والتآخي والصفاء. ويرمز النجم في العلم التونسي، إلى أركان الإسلام الخمسة، فيما يُشير شكل الهلال إلى انتماء تونس إلى العالم العربي الاسلامي، فتونس دولة عربية، الإسلام دينها والعربية لغتها، كما ينص على ذلك دستورها.وجاء في الفصل 4 من دستور 1 جويلية 1959، أنّ "علم الجمهورية التونسية أحمر تتوسطه دائرة بيضاء بها نجم ذوخمس أشعة، يُحيط به هلال أحمر حسبما يبينه القانون". هذا النص، وقع إضفاء تعديل بسيط على محتواه سنة 2014، حيث نص على أنّ: "علم الجمهورية التونسية أحمر، يتوسطه قرص أبيض به نجم أحمر ذوخمسة أشعة يحيط به هلال أحمر، حسبما يضبطه القانون".