كمركب تتقاذفه الأمواج لا الراكبون يدرون مصيرهم ولا القائد يعرف وجهته… هكذا تونس اليوم، فبعد ما يقارب الثمانية أعوام من إسقاط النظام انطلقنا جميعا في مركب واحد وجدفنا معا نحو مستقبل أفضل وتجاوزنا بسلام حفر الشاطئ وتياراته المائية… ثم توقفنا. تونس «الشروق»: القسم السياسي إلى أين نسير؟ ما هي وجهتنا؟ ما هي أهدافنا؟ ماذا خططنا لمستقبلنا؟ ماذا أعددنا لأبنائنا وأحفادنا؟ أسئلة عديدة تشغلنا كلنا ويستحيل على أي سياسي مهما كان انتماؤه الحزبي أو مركزه أو نشاطه أن يجيبنا عنها بدقة ووضوح بعيدا عن الشعبوية واللغو واللغط. الأخطر من تلك الأسئلة وما شابهها أن يصل بنا الأمر حد التساؤل عن المغزى من الثورة على نظام بن علي إذا كانت النتيجة حربا يومية على النصيب من الكعكة. هناك من يقول إننا أنجزنا دستورا رائعا ونتمتع اليوم بحقوقنا وحرياتنا الفردية وقد نجحنا في عدد من الامتحانات الانتخابية لكن هناك ما هو أولى من الدستور والحقوق والحريات والانتخابات. هناك دولة تتلاشى وهناك مواطن مقدرته الشرائية يوما بعد آخر وهناك يأس يكاد يلف جميعنا. المركب يكاد يغرق بنا ونحن غارقون في جدال سياسي عقيم… الأعوام تمر والطاحونة تقدم إلينا الواقع ذاته: أحزاب همّها أن تصل إلى السلطة بأي ثمن وأن تضحي من أجل مصلحتها بأي مصلحة أخرى حتى إن كانت مصلحة الوطن، ومهرّب همه أن يتمادى في نشاطه ومتهرب من الضرائب همه أن يتواصل تهرّبه وفاسد همه أن يدوم فساده ومحتكر همه أن يوسع احتكاره وعامل همه أن يغنم منافع تفوق حقه ومؤجره همه أن يسلبه أبسط حقوقه وعاطل همه أن يتصدى لمن يعملون وأن يوقف عجلة الانتاج من باب عليّ وعلى أعدائي وعلى أحبابي وعلى تونس كلها.