لم تأت ندوة عرض "رقصة الكمنجة"، سوى على بعض الإشكاليات، التي اعترضت عازف الكمنجة محمد الغربي، وخاصة كراءه للقاعة التي احتضنت الندوة الصحفية الخاصة بكليب "ابن الأرض". تونس (الشروق) انتقد الحاضرون في الندوة الصحفية لعرض "رقصة الكمنجة" صباح أمس بمدينة الثقافة ما حصل للعازف محمد الغربي، حين وقع تمكينه من قاعة بمدينة الثقافة، لتنظيم ندوة صحفية منذ أسبوع على وجه الكراء لمدة ساعتين، مقابل مبلغ مالي قدره مائتا دينار، ملاحظين أن هذا الفنان الذي حصد عديد التتويجات وطنيا ودوليا وآخرها بالباكستان، يستحق التكريم لا مثل هذه المعاملة. "الشروق"، تحدثت إلى الفنان محمد الغربي، عن العرض الأخير "رقصة الكمنجة" الذي سيلتئم مساء غد الخميس 25 أكتوبر 2018 بقاعة الأوبرا بمدينة الثقافة، والذي قال عنه إن الفرقة الوطنية للموسيقى بقيادة محمد الأسود، هي التي ستؤمن العرض الذي ينظمه مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة، وإن العرض يحتفي أساسا بآلة الكمنجة، وفيه تمت دعوة 04 عازفين من خيرة العازفين على هذه الآلة، وهم المصري عبده داغر، والتركي ناديم نالبان دوغلو، ومن تونس الثنائي بشير السالمي ومحمد الغربي. «ابن الأرض» ومن "رقصة الكمنجة" والحديث عن هذه الآلة المميزة عالميا (الكمنجة)، عدنا بالحديث مع محمد الغربي، إلى الندوة الصحفية التي عقدها منذ أسبوع بمدينة الثقافة، لإطلاق أول فيديو كليب من نوعه في الموسيقى، وعنوانه "ابن الأرض"، ولأن هذا العمل فريد من نوعه ويعتبر رائدا في الموسيقى بمعناها الإبداعي والتجريبي، فقد حضر الندوة آنذاك عديد الفنانين ومنهم صابر الرباعي وعدنان الشواشي ومقداد السهيلي ومنيرة حمدي... وعديد الموسيقيين كذلك... "ابن الأرض" كما قال عنه صاحبه، فيديو كليب يعنى بآلة الكمنجة، ويظهر تقنياتها ويثمنها، وصور بتقنيات سينمائية أشرف عليها كتابة سيناريو وإخراجا، المخرج السوري، صامويل سخية، وقام بالتوزيع الموسيقي للعمل الثنائي أسامة المهيدي وعلي بن فرج، وكان بطله ابن الأرض، محمد الغربي، الذي شرّك معه في البطولة شقيقه وزميله ورفيق دربه وتوأم روحه عازف العود المميز بشير الغربي. "ابن الأرض"، كليب جديد لمحمد الغربي أشاد به الفنان صابر الرباعي وشكر صاحبه معبّرا عن انبهاره الكبير بطريقة التصوير رغم أن أمير الطرب العربي له تجربة طويلة مع تصوير الفيديو كليب، وأشاد به كل من حضر بثه في الندوة الصحفية من فنانين وإعلاميين، وبمعيته سيحل صاحبه قريبا ضيفا على قناة فرانس 24 للحديث عنه وعن تجربته الموسيقية، التي يواصل نحتها بثبات، للوصول إلى العالمية، لكن هذا الفيديو كليب كان من المفترض أن يسجل حضوره بالدورة المقبلة من أيام قرطاج السينمائية إلى جانب عرض موسيقي لمحمد وبشير الغربي، لكن هيئة التنظيم رأت أن ثلاثة آلاف دينار كثيرة على هذا العرض، حسب تصريح محدثنا. الأبعاد الرمزية ل «ابن الأرض» وعن الأبعاد الرمزية لكليب "ابن الأرض"، أكّد محمد الغربي، إن هذا العمل كما يشير عنوانه، اختير في سياق تاريخي يعكس امتداد ابن الأرض في تاريخ أرضه التي هي تونس، مشيرا إلى أنه صور هذا العمل بعد رحلة بحث في تاريخ البلاد التونسية، اختار إثر هذا البحث، منطقة سيدي مسكين" بولاية جندوبة، الشاهدة على الحضارة النوميدية الزيرية، والتي حكمتها الكاهنة، واختار التعبير موسيقيا على رسالته من خلال المقدمة الموسيقية التي تتضمن كلمات باللغة الأمازيغية أدتها صاحبة الصوت الأوبرالي غنوة بن طارة، وترجمة الكلمات كالآتي: "ابن الأرض كفراشة تدنو من النار لكي تداوي جروحه". وتابع محمد الغربي في ذات السياق: "ابن الأرض هو الأمازيغي.. الفينيقي.. البزنطي..."، وعن علاقة ابن الأرض بآلة الكمنجة، فسر الغربي قائلا: "تاريخيا، ابن الأرض منقوش على آلة الكمنجة التي هي امتداد لجسد الإنسان الذي خلق وحده وبدأ يحاكي الأصوات الجميلة وعندما عجز عن محاكاة تلك الأصوات صنع الآلة ليحاكي بها، فجاءت لتذكره بتجليات الوجود الإنساني وبالإحساس الكامن داخله ومن ثمة انسانيته". وفسر الغربي فلسفته حتى من خلال شكل آلة الكمنجة، حيث تتوسطها دائرة ترمز إلى كروية الأرض وإلى سيرورة الحياة الزمنية تماما كما الساعة، وكذلك إلى رحم المرأة، قال إن داخل الدائرة تجد طائر السموأل الذي يرمز لدى الفنيقيين إلى الخير والسلام وإلى الحصاد أيضا، وفي قلب الدائرة تجد أيضا قوس الكمنجة الذي يشق قلب طائر السموأل". أما بخصوص سيناريو العمل والذي ركز على ثالوث المال أو المادة والجنس والدين، وجعل الأخيرين في الأسفل مقابل الإعلاء من قيمة المال، أوضح محدثنا، أنهم حاولوا من خلال هذه القراءة التعبير فنيا على المعادلة بين المادة والامادة في سلوك الإنسان، وخلق معادلة بين أطراف هذا المثلث التي وللأسف تقبع تحت سيطرة طرف وحيد منها وهو المال الذي تتغذى منه كل أشكال التطرف والجهل والشعوذة والشذوذ والحروب، وكيف ثمة محاولة لاصطياد الصوت لأن هذا الصوت هو الإحساس الذي يقاوم ويقلق هذه الأخطار. المثلث المتحدث عنه، فسر تشكيله صاحبه بالقول إن الإنسان عندما خلق بالغريزة، ثم أصبح يبحث عن إلاه، ثم خلق بنفسه المادة التي أصبحت في أعلى الهرم وتتحكم فيه، وتابع محدثنا: "هناك دعوة صريحة للسلام وتذكير للناس برواسبهم الثقافية، فكل حجارة في تراب هذا الوطن لها بعد دلالي حضاري وثقافي لا يجب إهماله، على أمل أن لا يتكرر ما حصل مؤخرا للحنايا..".