في سنة 430 قبل الميلاد قال أبقراط: «تعتمد صحتنا على توازن بين الحموضة والقلوية équilibre acido-basique . عندما تكون هناك نفايات حمضية أكثر مما يجب يضعف الجسم على المدى الطويل ويسبب ذلك الأمراض» ما من شك أن النموذج الغذائي الحالي الذي يشتمل على مواد غير قابلة للتحلل غنية بالملح والسكريات ويتسبب في حموضة عالية للجسم. فالاستهلاك اليومي للمشروبات الغازية السكرية ولكن أيضا القهوة أو الكحول يعزز هذه الظاهرة تمامًا كما الاستهلاك للعشرات من المواد الاصطناعية أو الأطعمة أو الأدوية دون الحصول على تعليمات الاستخدام أو التنبه لآثارها على الجسم. يمكن الإقرار دون أي شك أن النظام الغذائي الحديث حامض جدا. لكي تؤدي أعضاء جسمنا دورها كما ينبغي يجب أن يكون جسمنا في منطقة pH (نسبة الحموضة) متوازنة. إذا كان هذا الرقم الهيدروجيني منخفضًا جدًا أي حمضيًا جدًا (عادةً ما يكون أقل من 7.4) ، فيعني ذلك أنك مصاب بحالة تسمى الحماض المزمن acidose chronique ، مع ما يترتب عن ذلك من مشاكل صحية عديدة. تعتمد حموضة الجسم بشكل مباشر على ما نأكله. يمكن تصنيف المعادن إلى فئتين وفقا لتأثيرها على الرقم الهيدروجيني للجسم. في معسكر المعادن «الحمضية» ، نجد الكلور والكبريت والفوسفور. في معسكر «المعادن القلوية» نجد المغنيسيوم والكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم. من ناحية أخرى وبسبب ضعف التنفس الشديد الناتج عن التلوّث وقلّة النشاط الجسمي، يعيش الكثير منا في حالة نقص في الأوكسجين. كل ذلك يساهم في تحميض الجسم. أما الإجهاد، في جميع أشكاله فهو الآخر مساهم في التحمض. الحموضة هي من أهم أسباب ما نطلق عليه بأمراض الحضارة وهي أمراض القلب والشرايين والسرطان وتهشش العظام والأمراض النفسية والتهاب المفاصل وغيرها. نتحدّث عن الإجهاد التأكسدي stress oxydatif الذي يشارك على المستوى الخلوي في زيادة الحموضة ولكن أيضا في تسريع الشيخوخة. ومن هنا نفهم اهتمام المختصين المتزايد بمضادات الأكسدة (عكس الأكسجة) مثل فيتامين C الطبيعي والبابايا المخمر ومواد مثل الأوميغا3 والحامض الليبويكي acide alpha-lipoïque ومستخلص البروكولي brocoli وغيرها . عندما يكون الرقم الهيدروجيني PH (درجة الحموضة) حوالي 7.3 7.4، يكون الجسم في حالة توازن تام وتعمل جميع أنظمة الجسم بشكل صحيح. عندما ينخفض هذا الرقم الهيدروجيني يصبح الجسم حامضيًا وهذا ما يسمى الحماض أو حالة الحموضة. الجسم المحمض ينفق الكثير من الطاقة والمعادن لاستعادة التوازن وللبقاء على قيد الحياة. للحفاظ على الرقم الهيدروجيني في حدود ضيقة جدا ومعقولة (أي لا حامضة ولا قلوية) ، يلجأ الجسم إلى أنظمة تنظيم فعالة جدا وأنظمة عازلة. عندما تكون الحموضة مرتفعة للغاية يقوم الجسم باستخدام المعادن في العضلات والأوتار والعظام لاستعادة التوازن. إذا استمر الخلل فسوف يستخدم المعادن المخزنة في العظام ولذلك نكرّر القول أن تهشش العظام لا يرتبط بنقص في الكالسيوم كما يحلو للدعاية التجارية الادعاء وإنما بحموضة الجسم الذي يعمل على مقاومة الحموضة بإفراغ العظام من المعادن القلوية خبيرالشروق