الشروق- الجزائر- شكل انتخاب معاذ بوشارب رئيسًا لمجلس النواب الجزائري، مفاجأة لقطاع واسع من النواب والمحللين، بعد مسيرة من «هندسة الانقلابات داخل البرلمان وصراع دائم مع قادة الحزب الحاكم». وتمرّد معاذ بوشارب على 3 قادة من الحزب الحاكم وهم: عمار سعداني والعربي ولد خليفة والسعيد بوحجة، وكلهم تقلدوا وظيفة رئيس للبرلمان في فترات متتالية. وفي العام 2014، أمر الأمين العام السابق بجبهة التحرير الوطني عمار سعداني، بتجميد عضوية ثلاثة قياديين في الحزب وبينهم النائب معاذ بوشارب، بتهمة «ضرب استقرار الحزب والتحريض على العصيان والتمرد». واضطر رئيس مجلس النواب السابق، محمد العربي ولد خليفة، إلى إقالة معاذ بوشارب من منصبه كنائب للرئيس، بغرض إنهاء حالة الانسداد التي تسبب فيها بين رئاسة البرلمان والقيادة السياسية. وكاد رئيس الكتلة النيابية حينها، الطاهر خاوة، يدفع فاتورة تمرّد النائب بوشارب على الأمين العام للحزب عمار سعداني، ومعه السيناتور بوعلام جعفر والنائب مليكة فوضيل. وفي انتخابات مايو 2017، قاد معاذ بوشارب قائمة حزبه في ولاية «سطيف» الشرقية، ودخل البرلمان لفترة تشريعية ثالثة ثم ما لبث أن عُين رئيسًا لكتلة جبهة التحرير الوطني خلفًا لسابقه سعيد لخضاري الذي التحق بعضوية المكتب السياسي للحزب القوي. وفجأة يُعلن بوشارب 47 عامًا، حركة تمرّد جديدة على رئيس مجلس النواب السعيد بوحجة ويُقنع 3 كتل حزبية وأخرى مستقلة بالتوقيع على لائحة سحب الثقة منه بداعي «الإخلال بنظام المجلس وارتكاب تجاوزات والإساءة لمؤسسات الدولة». وفهمت تصريحات معاذ بوشارب على أن «بوحجة خان ثقة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة»، ما يعزز فرضية لقاء الرئيس المخلوع بمرشح الرئاسة المنسحب من انتخابات 1999 مولود حمروس، لترتيب ترشحه مرة أخرى لرئاسيات 2019 خلفًا لبوتفليقة. وخلال 4 أسابيع تمكن الرئيس الجديد للبرلمان من خلع السعيد بوحجة، بمباركة من الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس ورئيس الوزراء أحمد أويحيى والأمين العام لقصر الرئاسة حبّة العقبي ووزير العلاقات مع البرلمان بدة محجوب. بعدها تتوالى الأيام والشهور، فيرحل رئيس البرلمان السابق محمد العربي ولد خليفة ومعه الأمين العام للحزب الحاكم عمار سعداني ثم يتعرض السعيد بوحجة للعزل بطريقة «مُذلّة»، وترتفع أسهم معاذ بوشارب مهندس الانقلابات وحركات التمرد داخل المؤسسة التشريعية إلى أن يُعين على رأسها. وبذلك يُصبح بوشارب عاشر رئيس للبرلمان الجزائري ما يؤهله لتبوء المركز الثالث في الدولة بحسب الترتيب الدستوري، مُتفوّهًا بخطب سياسية نادرة في أبجديات الأحزاب والمؤسسات الدستورية في البلاد، فالرجل يُبدي براعة لا مثيل لها في الخطاب بلغة عربية فصيحة. ولا يملّ الرئيس الجديد لمجلس النواب الجزائري من ترديد شكره وتأكيد ولائه لرئيس البلاد والحزب، عبد العزيز بوتفليقة، فهو وحده –بحسب بوشارب- من جنّب الجزائر فوضى الانتفاضات التي تضرب بلدانًا عربية، وتمكن من إعادتها إلى الساحة الدولية. وفي أول إجراء يتخذه بوشارب الذي جرى انتخابه، يوم الأربعاء، بأغلبية ساحقة خلال جلسة استثنائية، قرر رئيس مجلس النواب الجزائري الجديد إعادة الأمين العام المعزول بشير سليماني إلى منصبه. وكان الرئيس السابق، السعيد بوحجة، قد أنهى مهام الأمين العام للمجلس في 29 سبتمبر الماضي، ما تسبب وقتها في تمرد وعصيان برلماني انتهى بسحب الثقة من بوحجة وإعلان حالة شغور المنصب ثم انتخاب رئيس جديد. وبغرض إعادة الحياة البرلمانية إلى سابق عهدها، تم أيضا تعيين النائب محمد بوعبد الله رئيسًا للكتلة النيابية لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، خلفًا لرئيسها السابق معاذ بوشارب وورد القرار عن الأمين العام للحزب المهيمن على الغالبية البرلمانية والحكومية، جمال ولد عباس.