في سياق ما يعرفه المشهد السياسي والحقوقي من تجدد للتجاذبات حول مسار العدالة الانتقالية دعا رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أمس البرلمان الى سن عفو عام يحقق المصالحة الوطنية، فما مدى تقبل مكونات المشهد السياسي لهذه المبادرة، وماهو التكييف القانوني الملائم لها؟ تونس-الشروق-: وفي افتتاح الندوة السنوية الثانية لاطارات حركة النهضة امس دعا رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي البرلمان الى تبني قانون للعفو العام على الانتهاكات المرتكبة وذلك بمجرد ان يعترف اولئك المنتهكون وتكشف الحقيقة ويقدم الاعتذار وعندئذ تتولى الدولة جبر الضرر للضحايا وعائلاتهم مضيفا بالقول:»نرفض ان يبقى مصير الضحايا غامضا...ونرفض بقاء هذا الملف جرحا مفتوحا» محمد الصافي الجلالي: العفو ينهي كل التجاذبات وكان حزب المبادرة سباقا في دعوة الاطراف السياسية وكتلها النيابية الى المبادرة بسن قانون العفو التشريعي العام ليطوي صفحة الماضي في اطار مصالحة وطنية شاملة من خلال بيان الاخير الصادر يوم الخميس الماضي، بما جعل القيادي محمد الصافي الجلالي يعتبر ان النهضة التحقت امس بدعوة حزب المبادرة مضيفا في هذا السياق ان وضع البلاد لم يعد يحتمل المزيد من التجاذبات ،وان قضى العفو التشريعي العام سابقا بعدم معاقبة من رفع السلاح في وجه الدولة في رأيه فان العفو العام الذي يسن اليوم ويطال بناة الدولة سينهي بشكل جدي وحاسم كل مسارات التجاذبات السياسية. حسونة الناصفي: دعوة ايجابية بشروط ومن جهته يرى الناطق الرسمي باسم حزب مشروع تونس حسونة الناصفي ان هذه الدعوة ايجابية وانهم يدعمون كل دعوات المصالحة الشاملة وطي صفحة الماضي منوها الى ضرورة ان يشمل الاعتذار المضمن في مقترح العفو ايضا مجمل الانتهاكات التي كانت فيها حركة النهضة موضع اتهام ومنها ضحايا احداث باب سويقة وضحايا تفجيرات سوسة و المنستير والمجمع الكيميائي بقابس وضحايا الرش بسليانة وتلك الاعتداءات التي طالت اتحاد الشغل والمتظاهرين يوم 9 افريل. غازي الشواشي: ضرب لمسار العدالة الانتقالية في المقابل اعتبر الامين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي ان دعوة العفو العام ضربا في الصميم لمسار العدالة الانتقالية و لا تعدو سوى خطاب انتخابي لترضية «المنظومة القديمة» في رأيه مضيفا بان العدالة الانتقالية لها مواصفات دولية لا يمكن تعديلها قبيل اصدار هيئة الحقيقة والكرامة لتقريرها النهائي بمبادرات شبيهة بقانون المصالحة. واعتبر الشواشي مرتكبي الانتهاكات لا يريدون الاعتراف بجرائم انتهاك حقوق الانسان ولا يريدون ايضا المحاسبة وان مثل هذه الدعوة لا تحقق الاركان الاساسية للعدالة الانتقالية بما فيها من كشف للحقيقة ضمانة لتفكيك نظم الاستبداد والجزم بعدم عودتها. أيمن العلوي: لا للمساومات كما اعتبر النائب ايمن العلوي من كتلة الجبهة الشعبية أن هذه الدعوة تتنزل في سياق فشل هيئة الحقيقة والكرامة في عملها وفي سياق التجاذب بين نداء تونس المناهض للعدالة الانتقالية و حركة النهضة التي لا ترى فيها سوى مغنم سياسي مضيفا بانه لا محيد عن مرور البلاد بمسار العدالة الانتقالية وفق معاييرها الدولية وتجارب الشعوب في ذلك دون مساومات ودون اهمال اي ركن من اركان كشف حقيقة الانتهاكات ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها وجبر الضرر للضحايا ورد الاعتبار لهم بما يحقق المصالحة الوطنية ويحفظ الذاكرة الجماعية ويرسي ضمانات عدم تكرر الانتهاكات. في المحصلة تبرز من دعوة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي دعوة سياسية لتخفيف حدة التوتر والتشكيك في مسار العدالة الانتقالية غير ان تكييفها القانوني لم يكشف عنه بعد وفق الناشط السياسي والنائب السابق رابح الخرايفي الذي شدد على انه من الناحية القانونية الصرفة فان قانون العفو يمحي الجريمة والعقاب ويوقف اي تتبع ان كان مازال مفتوحا من دون ان يمس الحقوق الشخصية للمتضررين الذين من حقهم طلب جبر الضرر من الشخص المعتدي مضيفا بانه كان على رئيس الحركة التحلي بالشجاعة السياسية بإعلان تقديم كتلته مقترح قانون للعفو العام مع بيان مجاله وبيان علاقته بقانون العدالة الانتقالية.