تونس – الشروق – حذر الناشط السياسي شكري بن عبدة من تواصل منحى التشفي والانتقائية في مسار العدالة الانتقالية محملا كل الأطراف الفاعلة في الدولة مسؤولية وضع حد لما يجري على مستوى هيئة الحقيقة والكرامة. وقال الناشط السياسي والقيادي الدستوري شكري بن عبده في تصريح ل»الشروق» إن هيئة الحقيقة والكرامة حولت مسار العدالة الانتقالية الى مسار انتقام وتشف وإهانة لرجالات الدولة. وهو ما عطل المصالحة الوطنية الشاملة التي تحتاجها البلاد في مثل هذا الوضع الصعب الذي يعيشه التونسيون اقتصاديا واجتماعيا. وعبر المُتحدث عن استغرابه واستغراب أغلب التونسيين من عدم التوصل الى حد اليوم الى تحقيق المصالحة الشاملة والإصرار على فتح ملفات الماضي البعيد دون أن تستفيد البلاد من وراء ذلك في شيء. بل بالعكس أضاعت وقتا طويلا. وكان من المفروض على حد قوله طي صفحة الماضي والشروع في إعادة البناء وفتح صفحة جديدة اقتداء بالتجارب الناجحة للعدالة الانتقالية في عديد الدول. مسؤولية قال شكري بن عبده إن بعض الفاعلين اليوم على الساحة السياسية والذين تولوا الحكم بعد 2011 عليهم تدارك الأخطاء الكثيرة التي ارتكبوها عند سن التشريعات المتعلقة بالعدالة الانتقالية لأنهم أساؤوا الاختيارات. ووضعوا قوانين غير ملائمة بداية بقانون العدالة الانتقالية الصادر في ديسمبر 2013 ثم بقية نصوصه التطبيقية فضلا على ما وصفه بالشبهات الكثيرة التي أحاطت ولا تزال بإحداث هيئة الحقيقة والكرامة وطريقة تسييرها. كما دعا أيضا الى تلافي الغموض الذي مازال متعلقا بتواصل عمل الهيئة الى حد الآن رغم أن البرلمان قرر وضع حد لمهامها معتبرا أنه على الحكومة التدخل لتوضيح الأمور في هذا المجال حتى تتدرج البلاد نحو مصالحة شاملة تشمل السياسيين ورجال الدولة الذين مازالوا قادرين على المساهمة في الشأن العام وفي المساعدة على الإنقاذ الاقتصادي. وتشمل أيضا رجال الأعمال المُكبلين الى اليوم بالمخاوف. وأشار المتحدث في هذا السياق الى ما أصبحت تتسبب فيه هذه الهيئة من انقسام بين السياسيين ومن تعطيل لعمل البرلمان على غرار ما حصل يوم الجمعة الماضي. وهو ما يجعل من هذه الهيئة مصدر تجاذب وخلافات في البلاد أثرت على الوضع العام . وذهب بن عبده أبعد من ذلك بالقول إن المصالحة يمكن أن تشمل الرئيس السابق بن علي. لكن هذه المصالحة لا تعني الإفلات تماما من العقاب. بل لا بد من المحاسبة والمساءلة بعيدا عن منطق الحقد والتشفي الذي لن ينفع البلاد في شيء، داعيا الى الاقتداء بالتجارب الناجحة في مجال العدالة الانتقالية. وفي صورة الإصرار على عكس ذلك قال بن عبده إنه يجب أيضا فتح كل الملفات ذات العلاقة بالعدالة الانتقالية على غرار أحداث الرش في سليانة والعمليات الإرهابية بعد 2011 وغيرها. مصالحة دعا شكري بن عبده بالخصوص الى توضيح ملف المصالحة الذي جاء به قانون المصالحة الادارية بعد أن اتضح عدم نجاعة هذا القانون أمام إصرار هيئة الحقيقة والكرامة على مواصلة استهداف رجال الدولة السابقين وخاصة المنتمين الى العائلة الدستورية بطريقة لا تخدم المصالحة الشاملة. وقال إن «الدساترة» أصبحوا اليوم مستهدفين. ويقع التعامل معهم بطريقة المساومة والابتزاز حتى يدعموا هذا الشق السياسي أو ذاك داعيا كافة المنتمين الى العائلة الدستورية الى ضرورة الانتباه الى ذلك والدفاع عن أنفسهم بكل الطرق وعدم الاستسلام لكل محاولات الإساءة والتشويه والانتقام والاستغلال .ولن يكون ذلك ممكنا حسب شكري بن عبده إلا بمزيد التفاف الدساترة حول بعضهم البعض مهما كانت الأحزاب التي ينتمون اليها وتشكيل لحمة قوية في شكل حزب كبير أو أي هيكل آخر يجمعهم. وأشار في هذا السياق الى شروع عديد الدساترة منذ أوت الماضي في العمل على إحداث مجلس وطني للدساترة يكون فوق كل الأحزاب. ويضم الجميع دون إقصاء وتكون له قيادة وطنية عليا منبثقة عن مؤتمر وطني كبير وتشريك فعلي وحقيقي للجميع في تسييره والعمل صلبه على الاستعداد من كل مكونات العائلة الدستورية للانتخابات القادمة عبر برنامج انتخابي إصلاحي شامل.