هكذا يفعل البقر المجنون بأهل الغباء يحكى أن رجلا قرّر الرحيل من موطنه وترك بقرة لدى أحد الثقات من الأهل الى أن يعود يوما ما. رحل الرجل وطال غيابه لسنوات وماتت البقرة بجنون البقر بعد أيام من رحيله ومات المؤتمن. وجاء يوم عاد فيه الرجل وطالب فيه ورثة المؤتمن بحقّه كاملا مما أثمرته بقرته سنوات الغياب من عجول وأراخ وبقرات وثيران وألبان وزبدة. ولم يعترف بموت البقرة وكذّب الورثة وهام بين الناس يشتكيهم بتهمة خيانة مؤتمن وهو الفقير لربّه والمكسب وكان كلما اشتكى لأحد أكرمه ضيافة سكنا وأكلا ومنحه نصيبا من المال لعله يخفف من مصابه الى أن جمع ثروة طائلة من صنيعه هذا. سئم الورثة أقاويل الناس وتلويث عرضهم ولم يبق لهم في القوم ماء لوجوههم فاجتمعوا به ورجوه أن يقيهم شرّه على أن يمنحوه ما يريد مما يملكون مقابل البقرة المجنونة فرفض عرضهم طولا وعرضا وهم لا يدرون أن استثماره للبقرة مربح أكثر مما لو وهبوه أرزاقهم كلها. ذاع سيط الرجل بين الناس كرجل تقي فقير للّه والمكسب فأكرموه وسمّوه شيخا للقبيلة فتكاثر أتباعه وحبّسوا عليه أملاك الجدود فبنى حبسا وحبس فيه من رفض الأحباس عليه. غلظ عود الرجل فبنوا له مقاما ذا قبّة خضراء عالية وأقاموا في كل جمعة زردة لسيدي بوبقرة طلبا لبركاته فيما كلّف هو واحدة ممن ملكت أيمانه بمحاكمة الورثة الذين جاؤوها برقعة من جلد لابقرة بتهمة تضليل العدالة على اعتبار أن الجلد هو جلد ثور مكيال لمملكة يقال اسمها قرطاج وليس جلد بقرة سيدي بوقرة... إنه يوم الحساب بالجلد.