تتراكم مشاكل المنظومة التربوية يوما عن يوم بدءا بتدني المستوى العلمي وصولا الى تدني المستوى الاخلاقي في المقابل يظل مشروع الاصلاح التربوي حبرا على ورق . تونس-الشروق / نزيهة بوسعيدي لايختلف اثنان في ان المستوى العلمي لتلامذتنا وطلبتنا تراجع بشكل مهول باستثناء بعض التلامذة المتميزين وللاسف شمل تراجع المستوى العلمي الاطار التربوي ايضا . وفي تشخيصه للوضع دوّن الباحث في علم الاجتماع محمد السعيدي رأيه في مقال قال فيه ان المباشر لوضع المدرسة ووضع الاطار ووضع الولي يلاحظ بوضوح الهوة بين الخطاب الرسمي، من نوع (لوحة رقمية لكل تلميذ) ومن نوع (تكافؤ الفرص دون تمييز) وخطاب المجتمع من نوع (نتهنى عليه) وبين الواقع المرير من جهة ثانية حيث مازال المدرس يعتمد السبورة الخشبية المهترئة وطباشير الكذال والسطل والطلاسة وطاولات الاستقلال في جل المدارس . اما الاطار التربوي فبالإضافة الى نقض التكوين والمواكبة فهو يشكو من منظومة قانونية غير واضحة وليست في مستوى التطورات خذ مثلا الاطار القانوني والمادي لتعامله مع الولي ، فهو غير واضح وغير دقيق ، رغم تأكيد القانون التوجيهي لسنة 2002 . اذ لا مكان للاجتماعات ولا حدود مرسومة للنقاش والتعاون ولا وقت مقنن لذلك وهذا ما جعل اختلالا داخل المؤسسة التعليمية وخلق فرصة التدخل في مهامها وصلوحياتها القانونية والاكاديمية هذا من الداخل اما من الخارج فقد احيطت المدرسة ببؤر التعليم الموازي غير المراقب وبذلك خلقت ظروفا جديدة تخنق المدرسة وتعطل العملية التعليمية التربوية وتحيدها عن مسارها وعوض التعامل القيمي والقانوني والأخلاقي إنزاح الجميع من الداخل ومن الخارج الى التعامل المصلحي الضيق (اموال، خدمات ،حصص مراجعة ، .... ) وهكذا اصبح المستوى التعليمي متقهقرا وقد الغي امتياز الباكالوريا التونسية في عدة بلدان فمثلا في المانيا الاتحادية بداية الثمانينات كان المحرزون شهادة الباكالوريا التونسية، يقضون سنة واحدة لتعلم الالمانية فقط في صف خاص بهم دون سواهم ثم يلتحقون يصفون الجامعة الألمانية ، في حين يكتظ باقي الطلبة من مختلف الجنسيات (عربا ، وافارقة واتراكا وامريكيين جنوبين، وآسيويين) في صفوف مشتركة في المدارس التحضيرية ولسنوات عدة لاعادة اجتياز الباكالوريا بالمواصفات الالمانية . وفي تصريح ل:»الشروق» حول تعطل مشروع الاصلاح قال:» لاتوجد مساع جدية للاصلاح التربوي رغم مرور كل هذه السنوات عن انطلاق الفكرة وبداية الاشتغال على تحقيقها لانه «العركة» السياسية التي تعيشها بلادنا لم تفرز الى حد الان مشهدا سياسيا واضحا ولم يتولد عنها قادة سياسيين هم الذين سيحكمون البلاد مستقبلا حتى تتمكن الاطراف الخارجية من تحديد مشروع للاصلاح يتولى هؤلاء القادة تطبيقه خاصة في ظل غياب مشروع وطني بما يعني ان غياب وضوح الرؤيا في المشهد السياسي هو الذي عطل مشروع الاصلاح. كلفة باهظة وأفاد الاستاذ عامر الجريدي وكاتب عام منظمة التربية والاسرة ان كلفة الهدر المدرسي باهظة على المجموعة الوطنية ماليا وتنمويا؛ إذْ أصبح إنفاق المال العام في التربية والتعليم من قَبيل سوء التصرف، وبالتالي صنوًا للفساد المستشري بطبعه. وأكد ان المنظومة التربوية لن تقوم لها قائمة دون رؤية تنموية وأخرى تربوية تكرّسها، ومشروع إصلاحي حقيقي حول «مدرستنا غدا»، وإرادة والتزام سياسي على وضع الأسس المستديمة لمدرسة تستثمر الذكاء التونسي في تنمية البلاد وإرجاع تونس إلى سالف حُرمتِها وإعادة وضعها على خطّ السير نحو مستقبل أفضل. مراحل تأسيس التعليم في تونس أحمد باشا باي نال السلطة سنة 1837 واسس المدرسة الحربية سنة 1840 خير الدين التونسي نال السلطة سنة 1873 وأسس المدرسة الصادقية سنة 1875 المستعمر الفرنسي ابرم معاهدة الحماية على تونس سنة 1881 ، سنة 1883 احدث ادارة التعليم العمومي . الاتحاد العام التونسي للشغل عقد مؤتمره التأسيسي سنة 1946 ، في مؤتمره الثالث سنة 1949 اقر الرفع من المستوى الاجتماعي والفكري للشعب التونسي عبر اقرار التعليم الالزامي . النظام البورقيبي اصدر اول اصلاح (اصلاح المسعدي) سنة 1958 بعد نيل السلطة بسنتين . مراجعة 1968 اقرها بورقيبة قبل اعلان فشل برنامج الافاق العشرية لاحمد بن صالح (1962 1971) بسنتين فقط اذ تراجعت بمقتضاها ميزانية وزارة التربية من 9.3% من الميزانية العامة للدولة سنة 1962 الى 4.4% سنة 1974 نظام بن علي اقر اصلاحا شاملا (اصلاح محمد الشرفي) سنة 1991 اي بعد توليه السلطة ب 3 سنوات . السلطة المنبثقة عن انتخابات 2011 سعت الى تعميم التعليم الزيتوني حال توليها السلطة عبر فرض نظام الحبس والاوقاف. السلطة المنبثقة عن انتخابات اكتوبر 2014 ، انطلقت في حوار وطني لإصلاح التعليم بمشاركة عدة اطراف الا انه تعطل تحت ضغط الصراعات السياسية