بمرور الأيام والأعوام نَتأكد أن الكرة التونسية تعيش وَهما كبيرا اسمه «الاحتراف» الذي كان من المفروض أن يُهاجر بأنديتنا الرياضية ومنتخباتنا الوطنية من عالم الهِواية إلى نادي المُتحضرين والمُتألقين. وقد بان بالكاشف أن هذا «الاحتراف» مُزيّف طالما أن العَقلية يَسكنها التخلّف البارز للعيان في سلوك وأداء كلّ الجهات المُتداخلة في «اللّعبة». فالقادة «الأقوى» لرياضاتنا وهم الوزيرة ماجدولين الشارني ورئيس اللّجنة الأولمبية محرز بوصيان والمُشرف على جامعة الكرة وديع الجريء اتّفقوا على أن لا يَتّفقوا واختاروا «التَناطح» على الإصلاح. وبما أن «ربّ البيت» تَحوّل إلى قُدوة سيئة فقد كان من المنطقي أن تُفرز «المنظومة» القائمة مسؤولين من طينة عبد السلام السعيداني الذي يُتحف الجماهير الرياضية بتصرّفاته الصّبيانية ومُناشداته المُخزية للجريء الذي وضعه السعيداني عن وعي أو عن غير وعي في خَانة «الكِبار» أمثال حمّودة بن عمّار وهو أحد صُنّاع الفرحة التونسية في 2004. و»المنظومة» نفسها تَرعى أندية تَمتهن «التَسوّل» وصافرة تحكيمية «مُحترفة» في سَرقة حقوق الناس في تونس وحتى في «الوطن الأكبر» كما يفعل الآن الصادق السالمي الذي نخشى أن يتسبّب لنا في يوم ما في «أزمة دبلوماسية» يعجز رئيسه وديع عن تطويقها حتى وإن حشد كلّ السياسيين والنقابيين والسفراء الذين نزلوا ضيوفا على الجامعة لتتأكد «الفيفا» بنفسها بأننا لا نَخلط بين الأنشطة الرياضية والأعمال السياسية. وإن كان «أنفانتينو» في حاجة إلى دلائل كِتابية فإن جامعتنا ستقدّم له حتما رسالة الجريء للغنوشي تَظلّما من تدخلات الوزير السابق طارق ذياب الذي غادر منصبه باكيا على حال كرتنا بعد ان نخرها الفساد ودمّرها العنف في «الفيراج» وحتّى في البلاتوهات التلفزية التي احتلّها «المُهرّجون» والمحامون بما أن اللّعبة أصبحت تُحسم في أروقة المحاكم لا في الميادين التي أُغْلق بعضها للصّيانة وبقي البعض الآخر يعمل بنصف طَاقته وبأرضيات يقع تَصغيرها من الجانبين بأمر من المُدربين «المُبتكرين» أمثال الدريدي الذي انقلب عليه سِحره ليمسح الاخفاق أمام «السي .آس .آس» على ميكروفون أحد الإعلاميين مُتّهما إياه بالوقوف وراء حملة «التنبير» التي تهدف إلى طرده من المنستير. من المنستير أيضا جاءتنا فضيحة البلدية التي ساندت البنزرتي في «حَربه» الاعلامية على الجريء. فهل هذه هي «جنّة الاحتراف» التي كان يحلم بها رؤوف النجار منذ منتصف التسعينات أم أنها آخر المَسامير في نعش الكرة التونسية السائرة نحو المجهول؟