«القراجات»... توصيف يُطلقه سكان مدينة الجم على السّوق «الحرّة» أو«الموازية» التي مثّلت طيلة سنوات قبلة العابرين من كل فجّ عميق قبل أن يزحف إلى أركانها «كساد» ينذر باندثارها إلى الأبد... «الشروق» زارت السوق، وعادت بالنقل التالي: (الشروق) مكتب المهدية ما ان تطأ قدماك الطريق الحزامية المعروفة ب»السّنتير» تشدّ انتباهك السّلع المرصوفة بعناية فائقة أمام مئات المحلاّت المنتصبة على امتداد البصر في سوق الجم.. ملابس مستوردة، أقمشة، وستائر، وزرابي، تجهيزات كهرومنزلية، قطع أثاث بمختلف الأحجام، والألوان، ألعاب أطفال، وحتى قطع غيار السيارات، والعجلات المطاطية في انتظار زبائن قلّ عددهم بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة بعد أن كان ضاجّا بالحركة، وبطوابير السيارات المتراصّة على جانبي الطريق. عمر تاجر بسوق الجم منذ سنوات عديدة تخلّص من تحفّظه على خلاف عدد من زملائه، وتحدّث ل»الشروق» قائلا: لقد «ضرب» «الكساد»، والرّكود كل تجّار التفصيل بثاني أكبر سوق في الجمهورية بعد سوق بن قردان نتيجة عدة عوامل لعلّ من أبرزها تدفق السّلع المهرّبة نحومختلف أسواق البلاد مثل الملاسين، ومساكن، وصفاقس، و»بومنديل» بعد أن كانت حكرا على عدد محدود من الأسواق، إضافة إلى الارتفاع المشطّ للأسعار بنسبة ناهزت 150 بالمائة نتيجة انزلاق الدينار، فسعر الزربية على سبيل المثال التي كان ثمنها قبل الثورة 200 دينار بلغ سعرها اليوم أكثر من 450 دينارا، فضلا عن تدنّي القدرة الشرائية للمواطن خاصة المنتمي للفئة المتوسطة مما أثّر بشكل بارز على نسق العرض، والطلب. وأشار عمر إلى أن إحداث الطريق السيارة «مساكن – صفاقس» ساهم بدوره في تراجع زوّار السوق بعد أن كانت تمثل منطقة عبور للمسافرين، هذا إلى جانب تواتر عمليات «الكرّ» و»الفرّ» مع الدّيوانة، وآخرها المواجهات التي حصلت منذ أيام بين أعوان الديوانة، وعدد من التجار بالسّوق على خلفيّة حجز كمية من العجلات المطاطية المهرّبة اضطرّت خلالها الوحدات الأمنية إلى إطلاق النار في الهواء لتفريق الجموع المحتجّة. مراقبة مشدّدة أما التاجر فتحي فقد أكد أن أغلب الحرفاء اليوم أصبحوا يخشون من تشدّد الدوريات الأمنية المتمركزة في الطريق وفق تعبيره في طلب فواتير الشراء من الحرفاء، وحجز السلع المشتراة إن لم يتم الاستظهار بها دون اعتبار الأداءات التي يدفعونها ل»المكّاسة» مما تسبب وفق رأيه في تقلّص الإقبال على التبضّع من السّوق سواء من الحرفاء القادمين بصفة فردية، أومن خلال الرحلات المنظمة عبر الحافلات التي أصبحت شبه منعدمة في السنوات الأخيرة، هذا إلى جانب الأوضاع الأمنية المتوترة في القطر الليبي التي أثّرت على الحركيّة الاقتصادية، وعلى تدفّق السّلع بين البلدين. وأضاف فتحي أن كلّ هذه العوامل ساهمت في التقليص بنسبة كبيرة في مداخيل تجّار التفصيل خاصة حتى أن بعضهم يبقى أسبوعا كاملا دون أن يبيع أي شيء في مقابل ارتفاع معاليم كراء المحلاّت بصفة آلية بنسبة 10 بالمائة كل سنة، وارتفاع أسعار المحروقات مما اضطرّ عديد التجّار إلى غلق محلاتهم، أوبيع أصولها التجارية بعد أن «غرقوا» في الدّيون المتراكمة، وعجزوا عن سدادها في الإبّان. مقترحات جديدة ومن جهته أوضح عماد الجنزري كاتب عام بلدية الجم ل»الشروق» أنه لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد المحلاّت بسوق الجم التي مازالت تواصل نشاطها، أوتلك التي أغلقت أبوابها، لكن التقديرات تشير إلى انتصاب حوالي ألف محلّ تتعاطى أنشطة مختلفة بين تجارة التفصيل، والجملة، علاوة على المقاهي، والمطاعم، وغيرها، مضيفا أن المجلس البلدي المنتخب اشتغل على صياغة مقترحات جديدة من أجل إرساء علاقة تعاون مع التجّار بهدف المساهمة في تنمية المنطقة البلدية عبر دفع معلوم جزافي ضمن معاليم الإشغال الوقتي للطريق العام في مقابل تعهّد البلدية بتقديم الخدمات المتعلّقة برفع الفضلات، والتنوير العمومي، وغيرها، ولم لا العمل مستقبلا بالتعاون مع بقية الجهات المتدخلة (المراقبة الجبائية، التجارة، الديوانة...) على إدراج هذه السوق في منظومة المسالك القانونية خدمة للاقتصاد الوطني. أرقام ودلالات 1000 عدد المحلاّت المنتصبة بسوق الجم 150 ٪ بالمائة نسبة ارتفاع الأسعار بالسوق 10 ٪ بالمائة نسبة الزيادة في معاليم كراء المحلاّت سنويا.