الأخلاق هي أساس قوة الأمم والشعوب وسّر تقدمها وبقائها وإذا تدبرنا القرآن الكريم وجدناه يدعو إلى مكارم الأخلاق ويعتبر التحلي بها من علامات الإيمان الكامل كما اعتبر العلماء أن من علامات حسن الخلق في الإنسان أن يكون كثير الحياء قليل الأذى صدوق اللسان قليل الكلام كثير العمل برّا شكورا حليما ولا يكون لعانا ولا سبّابا ولا حقودا.... لقد امتدح الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم فقال فيه (وإنك لعلى خلق عظيم)(القلم:4) و تحدّث عنه عليه الصلاة والسلام أصحابه ووصفوا أخلاقه فكانت النموذج الذي يحتذى ويقتدى به بل إنه تحدث عن نفسه صلى الله عليه وسلم حين قال ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )وقال أيضا : ( أدبني ربي فأحسن تأديبي) إن أبرز ما امتازت به الشريعة الإسلامية السمحة هو اعطاء القيم الأخلاقية المكانة الأولى في كل نظمها ومختلف ميادين نشاطها ولذلك لم تتخلّ عن هذه القيم قط بل حافظت عليه تشريعا وتطبيقا في كل مجالات الحياة :في الحكم وفي المعاملات وفي الحرب والسلم وفي غيرها وبذلك استطاع هذا الدين أن ينقل الإنسانية من أجواء الكراهية والفرقة والعصبية إلى أجواء الحب والتسامح والتعاون والتساوي أمام الله تعالى وأمام القانون.وبذلك كان الإسلام دينا عالميا إنساني النزعة. قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)(الحجرات:12/13) فالتذكير بالأصل البشري الواحد هو دعوة في آن واحد إلى تعاون البشرية وتعارفها وسبيل إلى تحقيق تلاقيها على الخير فرسالة المسلم في الحياة أن يكون قدوة لغيره وأن يكون مستقيما مع ربه بالتقوى والخشية والمراقبة وأن يكون مستقيما مع الناس يبسط يده إليهم بالخير ويمنع عنهم الأذى وأن يكون مستقيما مع نفسه فيصونها من الوقوع في الرذائل والمحرمات ويزكيها بالفضائل (فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دسّاها) (الشمس:810). إن الأخلاق أهم عنصر في تكوين الفرد القوي والأسرة الفاضلة والمجتمع الراقي والدولة المتقدمة ومن أجل ذلك حرص الإسلام أشد الحرص على إعداد المجتمع وتهذيبه وتربيته على القيم الفاضلة التي تعصمه من الانحلال و الضياع ولا يكون ذلك إلا بترسيخ احكام القرآن الكريم عبر تعليمه لأبنائنا وترغيبهم في حفظه وفهمه في كل مراحل تعليمهم إلى جانب تعليمهم السنة النبوية الشريفة من خلال أقوال وأفعال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم . فكل مؤسسات المجتمع من الأسرة إلى المدرسة والمسجد والجمعيات المدنية مطالبة بغرس الأخلاق الحسنة لدى الفئات المختلفة وخاصة الشباب عن طريق القدوة الحسنة وذلك في لين من غير ضعف وفي شدة من غير صلابة دون أن ننسى طبعا وسائل الإعلام المختلفة والانترنت التي أصبحت تلعب دورا خطيرا في تشكيل شخصية الفرد عبر تقديم مضامين إعلامية راقية بعيدة عن الإسفاف والابتذال والانحلال الأخلاقي .