تونس – الشروق: تشير الاحصائيات العالمية إلى أن كل ولادة من عشرة «1/10 « ولادات تكون مبكرة (سابقة لأوانها) مما يعطي 15 مليون ولادة سنويا. وواحد من 15 أي مليون من هؤلاء المواليد يموتون بسبب هاته الولادة المبكرة. وفي تونس نسجل سنويا 20 ألف ولادة مبكرة أي بمعدل 50 مولود مبكر كل يوم. تُعرّف الدكتورة الأستاذة زهراء بنسعيد مراكشي رئيسة قسم طب الولدان بمستشفى شارل نيكول الولادة المبكّرة بأنّها ولادة الطفل قبل البدء بالأسبوع السابع والثلاثين من الحمل، وقد كانت نسبة الولادة المبكرة مرتفعةً، ثم انخفضت بشكل ملحوظ في الأعوام الممتدة ما بين 2007 و2014، ثم عادت النسبة لترتفع في عام 2016، كما أن العناية بهؤلاء المواليد معقدة ومكلفة تستدعي عناية مركزة وجهود مضنية لإنقاذهم وهي جهود لا تنتهي بل تتواصل معهم ومستمرة حتى بعد مغادرتهم للمستشفى .كما أن الولادة المبكرة سبب هام للوفيات بين حديثي الولادة ومن الأسباب البارزة للإعاقة المنجرة عن الولادة وما يحيطها، وهي من أوكد أولويات الصحة العمومية. أسبات الولادات المبكرة ترجع الدكتورة زهراء بنسعيد مراكشي الولادة المبكرة إلى عدة أسباب منها: - سن الأم تحت 18 أو فوق 35 سنة - التدخين والكحول - حمل التوائم وخاصة أن التطور الكبير لتقنيات الإنجاب بالمساعدة الطبية قد ضاعف نسبة الحمل بأكثر من جنين وهو سبب هام في الولادات المبكرة. - حصول ولادة مبكرة سابقا - الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة، كذلك الإجهاد النفسي أو الجسدي سواء كان مرتبط بظروف العمل أو بظروف عائلية - بعض الحالات الصحية الخاصة للأم التعرف والاهتمام بهاته الأسباب يمكن من تركيز عناية خاصة يمكنها أن تحد من ظاهرة الولادة المبكرة. انعكاسات الولادة المبكرة الولادة المبكرة هي سبب هام من أسباب الوفيات والأمراض لدى الأطفال حديثي الولادة بسبب عدم اكتمال الوظائف الحيوية عند المولود قبل أوانه، في أغلب الحالات العناية بهاته الولادات المبكرة تتطلب إقامتهم بأقسام مختصة في طب الولدان وبوحدات الإنعاش. وقد تستمر الإقامة بالمستشفى أسابيع أو أشهر في بعض الحالات. بعد مغادرة المستشفى تتواصل العناية الخاصة والمختصة للمواليد السابقين لأوانهم لعدة سنوات حتى يقع التفادي بالتقصي والتشخيص المبكر لبعض الإعاقات للحد من تأثيرها على نمو الطفل خاصة على مستوى : السمع, النظر, الحركة العضوية, النطق, القدرة على التركيز والتعلم. أهم الإشكاليات المرتبطة بالولادة المبكرة في تونس كما هو الحال في أغلب البلدان, فإن الولادة المبكرة في تونس تحتل المراتب الأولى في أسباب الوفيات عند الولادة وإن نسبتها في ارتفاع متزايد لعدة أسباب : - نسق الحياة الحديثة المرتفع المشط مع نمط العيش والظروف المهنية الصعبة. - ارتفاع نسبة الحمل المتعدد بتأثير المساعدة الطبية على الإنجاب - وبصفة انعكاسية, فإن تحسن مردود طب حديثي الولادة زاد في نسبة الولادات المبكرة حيث يلجأ أطباء النساء والتوليد الى اختيار الولادة المبكرة قبل أن يزداد تعكر الحالة الصحية للأم أو للجنين سواء بفعل أمراض الأم أو أمراض تمس الجنين. إن الولادة المبكرة تشكل في تونس معضلة كبرى على مستوى الأخلاقيات والتعامل الطبي مع هاته الحالات. إن عدم توفر طاقة الاستيعاب الكافية للأطفال حديثي الولادة في القطاع العام يجبر عدة عائلات للالتجاء إلى القطاع الخاص للعناية بأطفالهم ذوي الولادة المبكرة ، إلا أن تكاليف الإقامة بوحدات الإنعاش مرتفعة جدا ولا تدخل تحت تغطية الصناديق الاجتماعية دون أن تكون هناك إمكانية اللجوء للمؤسسات العمومية حيث وحدات الإنعاش للمواليد تجد صعوبات جمة وعويصة تتعارض مع احتياجات الولادات التي تتم في هاته المستشفيات العمومية.