قبل سويعات فقط كان صوت ضحكاتهما تملأ السوق، والان واحد منهما تحت التراب، والثاني في السجن، هكذا تحدث اهالي جهة حمام الانف عن الجريمة التي راح ضحيتها «ماهر»، الذي قتل على يد صديقه. تونس (الشروق) كان يلطم على خديه، قبل ان ينخرط في البكاء ويحاول ان يكذب ظنونه التي تؤكد انه قتل صديقه الذي لم يعد موجودا في الحياة، بعد ان دخل في عالم المخدرات، هكذا تحدث اصدقاء القاتل عن حالته بعد ان سدد طعنة لصديقه انهت حياته. وقد اهتزت منطقة حمام الانف بولاية بن عروس، على وقع جريمة بشعة راح ضحيتها الشاب «ماهر» البالغ من العمر 22 عاما، على يد صديقه «علاء» البالغ من العمر 25 عاما، جريمة اعتبرتها عائلتا الضحية والقاتل، ناتجة عن انتشار الحبوب المخدرة بالمنطقة. «الشروق» تحولت الى منزل عائلة الهالك، حيث وجدنا والد الضحية بصدد قبول التعازي، والذي حدثنا بحرقة، مؤكدا ان القاتل وابنه صديقان منذ الطفولة، وان علاقاتهما وطيدة، وان انتشار افة المخدرات هي السبب في فقدانه لابنه... انتشار السموم البيضاء واكد الاب الملتاع ان شباب جهة حمام الانف ضحايا لتجار المخدرات الذين قال انهم اغرقوا المنطقة بحبوب تأثيراتها وخيمة، وهنا شاطره أشقاؤه المقيمون بالخارج، والذين افادوا ان هذه الحبوب اصبحت تباع على قارعة الطريق، دون ان تقوم السلطات الامنية بشن حرب على هؤلاء وايقافهم. واكد والد الضحية انه خلال الليلة الفاصلة بين الاحد والاثنين كان ابنه «ماهر» بصدد الذهاب الى سهرة عيد ميلاد احد اصدقائه بالقرب من الملعب، في الاثناء تلقى اتصالا هاتفيا رجح ان يكون من صديقه الذي تولى طعنه، مؤكدا ان سبب المكالمة لدعوته الى الالتحاق به بعد ان دخل في شجار مع طرف ثالث (حاليا بحالة ايقاف)، مضيفا انه في الاثناء بلغ الى علمه ان ابنه قتل على يد صديقه بطعنة بواسطة سكين أودت بحياته. واكد محدثنا انه مازال لم يستوعب بعد هذه الجريمة، خاصة ان من ارتكبها يعد بمثابة «اخ» لابنه، مؤكدا ان الجاني بدوره دخل في حالة هستيرية وانه لم يستوعب بعد انه قتل صديق طفولته، مشيرا الى ان الجاني يعد بمثابة ابن له وانه بتاريخ الواقعة كان تحت تاثير المخدرات، داعيا السلط الامنية الى محاسبة مروجي المخدرات بدورهم. محاسبة مروجي المخدرات من جهتها، أكدت «امال» والدة القاتل، في تصريح ل»الشروق» انها فقدت ابنين، اذ ان الهالك بمثابة ابن لها، وانها حزينة جدا لفقدانه، مضيفة أن ابنها دمر حياته ومستقبله بعد ان دخل عالم المخدرات، داعية الى محاسبة الطرف الثالث الذي زوده بالمخدرات، والتي قالت انه يدعى «سلعان» وهو محل ايقاف من قبل الجهات الامنية. وقالت والدة الجاني، انها التقت بابنها بعد ايقافه، مؤكدة انه مازال تحت وقع الصدمة، جراء قتله لصديقه، نافية ان تكون بينهما ضغائن، او ان يكون ابنها قتل الهالك بدافع الانتقام منه، وهو ما شاطره فيها ابنها «نادر» الذي افاد ان المجني عليه كان بمنزلهما يوم الجمعة وان علاقته بشقيقه مستقرة وانه لا توجد خلافات بينهما. الشباب... في خطر وقال نادر انه من الطبيعي ان تشهد منطقة حمام الأنف مثل هذه الجرائم البشعة، اذ ان عصابات ترويج المخدرات اصبحت ترتع بالمنطقة، مضيفا انه يتم ترويج مخدر «الاكوالين» و»النيفترين» الذي قال انها تجعل من مستهلكها عنيفا، مضيفا ان هذه السموم تباع وتشترى وان من بين مستهلكيها اطفال وشبان في مقتبل العمر. ودعا عدد من اصدقاء الضحية والجاني السلط الامنية الى ردع تجار المخدرات وايقافهم، مؤكدا ان العديد من العائلات قدمت تشكيات ضد هؤلاء التجار، الا انه لم يتخذ في شانهم اجراءات، مضيفا ان تجارتهم لم تعد تقتصر على مادة «الزطلة» ومخدر «الاكستازي» لتشمل سموما اخرى خطيرة، واستهلاكها له نتائج وخيمة تجعل من مستهلكها محبا للعنف والشجار. هكذا انهت المخدرات حياة صديقين، الاول فقد حياته، والثاني سيقضي سنوات وربما حياته باكملها في السجن، فمتى يتم التصدي لعصابات تجار المخدرات؟